الشريعة الإسلامية لم تأتي شريعةٌ من الشّرائع السّماويّة بمبادئَ وقيمٍ وأحكام شاملة تصلحُ لحياةِ البشر في كلِّ زمانٍ ومكان كما جاءت به الشّريعة الإسلاميّة، فقد شاءت حكمة الله تعالى وتقديره أن يختمَ الرّسالاتِ السّماويّةَ بشريعةٍ لم تغفل جانباً من جوانبِ الحياة إلاّ ووضعت له المنهجَ والطّريق، ولا مشكلة إلاّ ووضعت لها الحلّ، ولا سؤالٌ وقعَ في العقول إلاّ أجابت عنه، فكانت بحقّ الرّسالة العالميّة الخالدة التي لا يصحّ الإيمانُ بغيرها.
جوانب تأكيد الشّريعة الإسلامية على معنى السلام - أنّ من أسماءِ الله سبحانه وتعالى وصفاته الحسنى السّلام، كما أنّ لفظ الإسلام في معناه مشتقّ من السّلام، فالذي يسلّم أمره إلى الباري جلّ وعلا ويذعن لأوامره ويخضع لأحكامه وتشريعاته هو إنسانٌ يملأ قلبه السّلام بهذه العقيدة، وهذا اليقين بالله تعالى الذي تنسحب آثاره في جميع جوانب حياته الشّخصية وتعاملاته مع النّاس.
- حثّ النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- المسلمين على إفشاء السّلام بينهم لما يخلقه السّلام من آثارٍ عجيبة في بثّ روح المودّة والمحبّة والألفة بين النّاس، والتي تؤدّي بدروها إلى إشاعة السّلام بين مكوّنات المجتمع الإسلاميّ.
- أكّدت الشّريعة الإسلاميّة على مفهوم السّلام من خلال تحريم وتجريم كافّة أشكال الاعتداء على الإنسان، سواء كان ذلك على ماله أو عرضه، فنفس الإنسان مصانةٌ في الشّريعة الإسلاميّة من خلال تشريعاتٍ شاملة كاملة تضمن الحدود التي شرعها الله لحفظ النّفس الإنسانيّة من الأذى المعنويّ أو الماديّ، وكذلك أحكام القصاص التي تؤكّد على حرمة دم الإنسان ووجوب الاقتصاص له، وكذلك أحكام أهل الذّمة الذين يعيشون بين المسلمين، حيث تتضمّنُ حقوقهم العيشَ بسلام جنباً إلى جنب مع المسلمين، وتحريم الاعتداء على أموالهم أو إزهاق أرواحهم.
- سبقت الشريعة الإسلاميّة جميع المواثيق الدّوليّة والمنظّمات الدّوليّة التي دعت إلى السّلام بين الشعوب في العالم، فقد أسّس النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- دولته في المدينة المنوّرة على أسس المؤاخاة بين المسلمين وعقد المعاهدات مع غيرهم، بحيث يعرف كلّ مكوّنٍ في المجتمع حقوقه وواجباته بما يضمن أن يعيش الجميع في أمنٍ وسلام.
- أكدت الشريعة الإسلاميّة على أخلاقيّات التعامل في السلم والحرب، ففي الحرب لا يجوز الاعتداء على الشيوخ، أو النّساء، أو الأطفال، أو هدم البيوت، أو ترويع الآمنين، أو قطع الأشجار، وإنّ ما يشهدُه العالم حالياً من أحداثِ همجيّة تستباح فيها دماء المسلمين والذّميّين ويبثّ فيها الرّعب في نفوس النّاس من قبل جماعاتٍ تدّعي الانتماء إلى الإسلام لهي أبعد ما تكون عن شريعة الرّحمن والقرآ .