توّجهت أنظار السوريين منذ اندلاع الأزمة السوريّة إلى الهجرة للدول المجاورة، فبدأ النزوح السوري إلى الأردن منذ عام ألفين وأحد عشر، وبدأت الأردن بفتح حدودها لاستقبال اللاجئين السوريين لاستضافتهم ومنحهم الأمن والأمان. وقد بدأ الأردن باستقبال اللاجئين السوريين، حيث يستقبل جنود القوات المسلحة اللاجئين ومن ثم ينقلوهم إلى مخيمات اللجوء السوري في الأردن (مخيم الزعتري، ومخيم الأزرق)، وقد حظيت المملكة الأردنية الهاشمية بالنصيب الأكبر من استضافة اللجوء السوري، حتى عمدت إلى افتتاح مخيمات خاصة لاستضافتهم واستقبالهم بها.
الأزمة السورية (الربيع السوري)بدأت شرارة الحرب السورية (الأزمة الحالية) عندما جابت مظاهرات واعتصامات الشوارع السورية، ونظمت اضطرابات مدنية وذلك في تاريخ الخامس عشر من آذار عام ألفين وأحد عشر، لتندلع بعد ذلك بتطوّر الأمور لتصل إلى مواجهات مسلّحة أدت تسجيل وإزهاق في الأرواح البشرية إلى جانب خسائر مادية ضخمة، منها تدمير المباني و الآثار غيرها.
ويقال بأنّ بدء الأزمة السورية كانت عندما قامت قوات الأمن السوري بإلقاء القبض على مجموعة كبيرة من الأطفال بعد أن طالبوا بإسقاط النظام السوري بكتابة شعارات على جدران مدرستهم للمناداة بالحرية، وعلى ضوء ذلك بدأ النداء للمظاهرات عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، والتي بدأت أولى هذه التجمعات والتظاهرات في منتصف آذار من عام ألفين وأحد عشر. وقد جابت مظاهرات شعبية معظم مناطق البلاد تنادي بالحرية رفضاً للاستبداد والفساد. وكان للربيع العربي الدائر في معظم الدول المجاورة أثر كبير في التأثير على الشعب السوري في الاستجابة للدعوات التي نظمّها المنادون بالحرية في ذلك الوقت، وخاصة بالتزامن مع ثورتيّ الشعبين التونسي والمصري التي انتهت بتنحّي حكام الدولتين، لكن مأساة الشعب السوري مازالت مستمرة حتى الآن مع بقاء النظام السوري تحت حكم بشار الأسد، ولتنتقل إلى ليبيا واليمن فيما بعد.
نذكر بأنّ ما وصلت إليه سوريا اليوم قد تسلسل بمراحل، فقد بدأ باحتجاجات، ثم انتفاضة، ثم ثورة، ثم حرب أهلية، ثم أزمة سورية، حتى توّجهت أنظار المواطنين السوريين إلى الأردن، بعد أن تعددّت أطراف الأزمة لتصبح حرباً أهلية بين قوات النظام السوري و الجيش الحر وتنظيمات مسلّحة (جبهة النصرة، وداعش " الدولة الإسلامية في العراق والشام"). الأزمة السورية خلّفت دماراً شاملاً في المنطقة، فقد بدأ القصف بين الجهات المشتبكة في الأراضي السورية، حتى بدأت التنظيمات المسلحة بتجنيد أشخاص من خارج سوريا من كل دول العالم ليشاركوا في القتال.
الزعتريتقع منطقة (بلدية الزعتري) في محافظة المفرق الكائنة في شمال شرق الأردن، وتمّ إنشاء مخيم الزعتري في هذه المنطقة نظراً لوجود مساحات شاسعة قادرة على استيعاب العدد الكبير من اللاجئين السوريين الموجودين والمنتظرين.
مخيم الزعتريكانت المملكة الأردنية الهاشمية الوجهة الأولى التي عمد السوريون إليها، لما تتمتع به من أمن وأمان، بالرغم من الظروف الأمنية المحيطة في جاراتها (الدول المجاورة)؛ فمنذ قدوم أول لاجئ سوري بدأت القوات المسلحة الأردنية المرابطة على الحدود الشمالية الأردنية (الحدود الأردنية السورية) باستقبال اللاجئين السوريين القادمين، لتنقلهم بعدها إلى المخيمات التي أقيمت استعداداً لاستقبالهم.
إقامة مخيم الزعتريبعد مرور عام على اندلاع الأزمة السورية فكرّت الحكومة الأردنية بإقامة مخيم الزعتري، ليكون مكان إقامة مخصصاً لهم، وباشرت الحكومة بالبدء بإقامة المخيم في منطقة الزعتري في المفرق، على بعد عشرين كيلومتراً من بلدية الزعتري، وذلك بعد مرور عام على اندلاع الأزمة السورية، أي في عام ألفين واثني عشر، وكانت الجارة السورية قد شهدت حرباً أهلية بين جماعات مسلحة وتنظيمات مسلحة والجيش السوري الحر والجيش النظامي، التي أدّت إلى انعدام الأمن والأمان في المنطقة السورية.
على بعد عشرين كيلو متراً من بلدية الزعتري أنشأ مخيم الزعتري ليستضيف عشرات المئات من اللاجئين السوريين، ليجدوا ملجأ يأوون إليه، فأقامته الحكومة في محافظة المفرق الواقعة إلى شمال شرق المملكة، ويحتل موقعاً قريباً من الحدود السورية الأردنية بعض الشيء. في غضون عام واحد، بلغ عدد اللاجئين السوريين حوالي خمسة عشر ألف لاجئ سوري، وكانت على النحو التالي:
وتعتبر الهجرة التي هاجرها اللاجئون السوريون عبر الحدود الأردنية السورية مروراً بجنود القوات المسلحة الأردنية هجرة شرعية، وكان معظم النازحين من محافظات دمشق وحمص ودرعا، التي تعّد قريبة من الحدود الأردنية السورية، وقد أصبحت المنطقة المقام بها المخيم (الزعتري) منطقة مأهولة بالسكان، مكتظة كباقي المحافظات والمدن الأردنية، ليصبح المخيم بذلك ثاني أكبر مخيم في العالم، بعد مخيم داداب في كينيا. هذا وحصل المخيم على الاهتمام كغيره من مناطق بلدية الزعتري، حيث جعلتها منطقة تصلها الخدمات الصحية والتعليمية والماء والكهرباء.
التعليم في مخيم الزعتريتوجّهت الحكومة الأردنية إلى إنشاء مدارس خصيصاً للاجئين السورييّن لمنحهم حقّهم في التعليم كغيرهم من الأردنيين، فعيّنت وزارة التربية والتعليم الأردنية حوالي مئتين وسبعين معلم ومعلمة لتعليم اللاجئين السوريين في مدارس المخيم (الثانوية والابتدائية)، إلى جانب تسعين مساعداً سورياً، ولم تنسى الحكومة الأردنية أهمية الترفيه عن الطفل، فعمدت إلى إنشاء ثلاث وثلاثين ساحة للأطفال لقضاء وقت الفراغ فيها، ومن الناحية الصحية، فقد أصبح أطفال اللاجئين السوريين يأخذون المطاعيم على وقتها، كمطاعيم الحصبة، وغيرها من الخدمات الصحية.
عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم امتدت فترة النزاع الدائر في الأراضي السورية، الأمر الذي جعل من عودة السوريين إلى ديارهم في الوقت الحاضر مستحيلة، حيث انعدام الأمن والأمان. حتى هذه اللحظة مرّ على الأزمة السورية ما يقارب أربع سنوات، حتى بات بعض اللاجئين فاقدين للأمل من عودة الأوضاع في سوريا إلى ما كانت عليه في الوقت الحاضر.وبناءاً على ما تقدّم، فإنّ صعوبة العودة إلى سوريا ولدّت فكرة التفكير بمشاريع خاصة لتكون مصدر رزق خاص بهم، فعملوا بوظائف مختلفة بالأردن، وباشروا بمشاريع تجارية خاصة بهم.
أمن مخيم الزعتريلم تصرف الحكومة الأردنية النظر عن مسألة الأمن في المخيم، فقد أقامت مديرية أمن خاصة في مخيم الزعتري بإدارة العقيد زاهر أبو شهاب، كما تم إقامة محكمة شرعية خاصة بالمخيم خلال عام ألفين وثلاثة عشر لتنظيم عقود الزواج وتثبيتها وكل ما يتعلّق بذلك، بالإضافة إلى افتتاح مركز دفاع مدني خاص بمخيم الزعتري تحت رعاية مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، وذلك انطلاقاً من الحرص على حياة وسلامة اللاجئين السوريين.
مخيم الزعتري و منظمات حقوقيةحظي مخيم الزعتري بحصة الأسد بالعناية والمتابعة من منظمات حقوق الإنسان، وكما نال اهتمام وزراء وشخصيات عالمية مشهورة وفنانين عرب وغير العرب، وجاءوا بزيارات خاصة له للاطلاع على حال اللاجئين السوريين ومعيشتهم في هذا المخيم. وبالرغم من أنّ الأردن تعدّ دولة فقيرة الموارد، إلا أنّها تعّد الدولة الأكثر استقبالاً للاجئين السوريين خلال الأزمة المندلعة في بلادهم.
المقالات المتعلقة بأين يقع مخيم الزعتري