الهجرة النبوية الشريفة أدرك النّبي عليه الصّلاة والسّلام ومنذ أن بعثه الله جلّ وعلا بالرّسالة أنّه سوف يتعرّض للأذى والتّهجير، فقد جاء ورقة بن نوفل ابن عمّ السّيدة خديجة رضي الله عنها إلى رسول الله حينما نزل الوحي عليه في غار حراء فأخبره مطمئناً أنّ ذلك هو النّاموس الذي أُنزل على موسى عليه السّلام وأخبره أنّ قومه سوف يخرجونه من مصر كما تعرّض لذلك الأنبياء من قبله.
كذلك أدرك النّبي عليه الصّلاة والسّلام أنّه مهاجرٌ من مكّة حينما أراه الله في منامه دار الهجرة، وقد تحقّقت تلك الرّؤيا على أرض الواقع حينما هاجر النّبي الكريم والمسلمون من مكّة المكرّمة إلى المدينة المنوّرة بعد عشر سنواتٍ قضوها في الدّعوة إلى الله تعالى ونشر رسالة الإسلام، فما هي الأسباب التي دعت إلى الهجرة النّبويّة المشرّفة ؟
=أسباب الهجرة النّبويّة الشريفة
هناك أسباب كثيرة للهجرة ومنها:
- الأذى والتّنكيل الذي تعرّض له النّبي عليه الصّلاة والسّلام والمسلمون في مكّة المكرّمة، فالدّعوة الإسلاميّة في الفترة المكّيّة مرّت بمراحل عدّة ابتداء من الدّعوة السّريّة إلى الدّعوة الجهريّة خاصّة عندما أسلم حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطّاب رضي الله عنهما، وتعرّض المسلمون في تلك الفترات إلى كثيرٍ من التّضييق عليهم من قبل كفّار قريش والتّهديد بالقتل والتّعذيب، فها هو الصّحابي الجليل بلال بن رباح يضعه الكفّار في رمضاء مكّة ويضعون على جسده الحجارة في ذروة اشتداد الحرّ.
كما أن النّبي الكريم لم يسلم من هذا الأذى، ومثالٌ على ذلك ما فعله أحد كفّار قريش حينما كان النّبي عليه الصّلاة والسّلام يصلّي عند الكعبة حيث وضع على رأسه وهو ساجد سلا جزور، فجاءت السّيدة فاطمة رضي الله عنها فأزالت عنه ذلك الأذى، فما تعرّض له المسلمون من شدّة في مكّة المكرّمة وتضييق كان دافعاً لهم بلا شكّ للهجرة إلى المدينة المنوّرة.
- مبايعة الأنصار للنّبي عليه الصّلاة والسّلام على النّصرة والتّأييد لهذا الدّين، فقد عقد النّبي الكريم مع أهل المدينة قبل هجرته بيعتان هما بيعة العقبة الأولى والثّانية والتي مهّدت لحدث الهجرة، ولقد شجّع ذلك الأمر النّبي عندما رأى أناساً مستعدين لبذل أموالهم ونفوسهم رخيصةً في سبيل نصرة الدّين وإعلاء كلمة الإسلام، وقد تحقّق التّمكين للمسلمين في المدينة المنوّرة حيث استطاعوا تأسيس نواة الدّولة الإسلاميّة الأولى التي أصبح لها جيشها وقوّتها الرّادعة للمعتدين، فنزلت الآيات الكريمة تأذن للمسلمين بالقتال.