أثر السجود

أثر السجود

أثر السّجود

من بين الأوصاف التي وصف الله بها صحابة رسول الله عليه الصّلاة والسّلام أنّ سيماهم في وجوههم من أثر سجودهم لله تعالى، ولا شكّ في أنّ هذا الوصف ينطبق على أولياء الله الصّالحين، وعباد الله المتّقين الذين يخشون ربّهم بالغيب ويقيمون الصّلاة، ويلتزمون منهجَ الله تعالى وشريعته في الأرض، وسنتحدث في هذا المقال عن أثر السّجود، وعن أقوال العلماء فيه.

آراء العلماء في معنى أثر السّجود

وردت عبارة أثر السّجود في قوله تعالى: (مُّحَمَّدٌ رسُوْلُ اللهِ وَالَّذِيْنَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُوْنَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيْمَاهُمْ فِيْ وُجُوْهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُوْد) [الفتح:29]، وقد تباينت آراء العلماء واختلفت في معنى أثر السّجود في الآية الكريمة على النّحو التّالي:

  • أنّ المقصود من معنى أثر السّجود في تلك الآية الكريمة العلامة الظّاهرة الحسّيّة المرئيّة التي تُرى على جَبهة المسلم وأعلى أنفه، وهذه العلامة غالبًا ما تكون على شكل سوادٍ في الجبهة، ويكون سببها كثرة السّجود والقيام والتّهجد طاعةً لله تعالى.
  • أنّ المقصود من معنى أثر السّجود أنّه علامات السّهر والتّعب التي تظهر على المسلم نتيجة تخصيصه وقتًا طويلًا من يومه للقيام والتّهجد حيث يميل لون وجهه إلى الصّفرة.
  • أنّ المقصود من معنى أثر السّجود تلك العلامة التي يتميّز بها المؤمنون يوم القيامة حيث يعطيهم الله سمتاً معيّناً، ونوراً واضحاً بين الخلائق مثل الغرّة التي يكتسبها المتوضّئون، ويستدل أصحاب هذا الرّأي في تفسير هذا المعنى على قوله تعالى (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) [المطففين:24] حيث يعرف المؤمنون بسمتٍ معيّن في الآخرة.
  • المقصود من تفسير هذه الآية كما نقل عن بعض المفسّرين أنّها ذلك السّمت الصّالح الظّاهر الذي يكتسبه المسلم من سجوده الله بما يحمله هذا السّجود من معاني الخضوع، والذّلّة، والتّواضع لله تعالى، وهي النّور الرّباني الذي يمنحه للمتّقين من عباده.

القول الرّاجح في معنى أثر السّجود

القول الرّاجح من بين تلك الأقوال أنّ أثر السّجود هو السّمت الصّالح والسّحنة الحسنة التي تظهر على الصّالحين لتقواهم وخشيتهم لله تعالى، وكما قال مجاهد إنّه كان يرى المعنى أنّه هو الأثر الظّاهر الحسّي في الجبهة حتّى أدرك أنه قد يكون هذا الأثر عند أصحاب القلوب القاسية كفرعون مثلًا، فالمعني الصّحيح عنده هو الأثر المعنوي للسّجود والطّاعة في قلب المسلم والذي يظهر على محيّاه، وسئل بعض السّلف ما بال المتهجّدين أحسن النّاس وجوهًا فقال، لأنّهم خلوا بالرّحمن فألبسهم نورًا من نوره.

المقالات المتعلقة بأثر السجود