الاعتِراف بالحُبّ يخشى بعضُ الأشخاص من الاعتراف بالحُب خوفاً من الظّهور بمظهر الإنسان الجّبان الضّعيف، فيبدو كأنّ مشاعِرهُ تقودُهُ وتتحكّمُ بهِ، فيتراجع الكثيرون عن القِيام بهذهِ الخطوة، حتّى ولو كانت الخطوة مُناسِبة وفي الوقتِ المُناسب، ولكن هل فِعلاً التّعبير عن مشاعر الحُب للإنسان المُناسِب يُعتبرُ ضعفاً؟
الاعتراف بالحُبّ بين القوّة والضعف لا يُعتبرُ الاعترافُ بالحُب ضعفاً بل على العكسِ تماماً، فإنّ الاعتراف بالحُبّ والرّغبة في الزوّاج من الشّخص المُناسب صاحِب الخُلق يعدُّ قوةً، ويثبِت قدرة الشّخص على التّعامُل مع المواقف الصّعبة والمُقلقة، كما تُثبت ثقة صاحِبها بنفسِهِ وقرارِه، وكونِهِ شخص صاحب مسؤوليّة لا يخشى من البوح بمكنوناتِ صدرهِ، ومشاعِرهِ تجاه من يُحب، فزوجة النّبي محمد -صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- خديجة بنت خويلد عرضت نفسها عليهِ، وبعثت لهُ لِما رأت فيه ما يُعجِبُها من خُلُق وأمانة، وكانت من أعقلِ النِّساء، وأعظمهن شرفاً، وأكثرُهنّ مالاً، ومع ذلك لم تشعُر بالضّعف، وقد قدّر نبيّنا الكريم حبّها، فكانت أحبّ زوجاتِهِ لهُ، وقد ذكر في حُبِّها عليهِ الصّلاةُ والسّلام : "...إنّي رُزقتُ حّبّها" {أخرجهُ مُسلم}، ولم يشعُر نبيُّ الله بالضّعف من التّعبير عن حبّهِ لزوجاتِهِ، بل كان يتباهى بأسمائهنّ، ويحترمُهنّ، ويعامُلُهنّ بالمعروف.
وقت الاعتراف بالحُبّ - وجود رغبةٍ أو نيّة في الزّواج: يعترف الرّجُل للمرأة بحبِّهِ لها إن كان ينوي الزّواج بها، ويرغب في التقدُّم لخطبتِها في أقربِ وقتٍ مُمكن، فلا يجوز أن يعترف لها بحبّه، بنيّتهِ إقامة علاقات مُحرّمة معها، ودون الرّغبة في الزّواج منها، فعلى الرَّجل حماية المرأة وصون كرامتها، وذلك لا يكون إلا بإقامتهِ لعلاقة شرعيّة معها، تُجنّب كلّ منهُما الوقوع في الإثم، أو الفواحِش.
- وجود شخص مُناسب: إنّ الاعتراف بالحُب للشّخص غير المُناسب للزّواج يُتعبرُ مضيعةً للوقت، فالاعتراف بالحُب يكون للشّخص المُناسب للزّواج، ويتمّ اختيار الزّوج، أو الزوجة المُناسبة بناءً على عدّة أسس مُهمّة، ومن هذهِ الأُسس:
- الخُلق والدّين: إن اختيار الزّوج بناءً على تمسُّكهِ بدينهِ، وأخلاقِهِ يعدُّ أمراً أساسيّاً في الإسلام، وقد أولى الإسلام عناية كبيرة باختيار الزوج لزوجتهِ، والزّوجة لزوجِها بناءً على هذا المعيار أو الأساس، وقد ذكر رسول الله -عليه الصلاة والسّلام- بهذا الشأن،حيث قال:(إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير){رواه الترمذيّ}، وقال في أسُس اختيار الزّوجة:(تُنكح المرأة لأربع لمالِها، ولحسبِها، ولجمالِها، ولدينِها فاظفر بذات الدين تربت يداك) {رواه البخاريّ ومسلم}
- المعايير الاجتماعيّة: يوجد مجموعة من المعايير الاجتماعيّة الّتي تؤخذ بعين الاعتبار عند الاعتِراف بالحُبّ، أو التفكير بالزواج من شخصٍ مُعيّنٍ، ومن هذهِ المعايير، المستوى التعليميّ، والوضع الماديّ، والثقافة المُحيطة، ومع أنّ هذهِ المعايير ليست أساسيّة إلا أنّها مُهمّة جداً؛ لتأثيرها الكبير في مُعظم الأحيان على إنجاحِ الزّواج، أو إفشالُه.