اللغة العربيّة لغتنا الجميلة، لطالما سمعنا وكرّرنا هذه الجملة منذ نعومة أظفارنا، ففي مراحل دراستنا الأولى كان معلّم الصفّ يطرح علينا سؤالاً: ما هي لغتكم لغة القرآن؟ فنجيب: اللغة العربية لغتنا الجميلة.
اللّغة العربية من أقدم اللّغات الساميّة الني نطق بها الإنسان، واليوم تحتلّ المركز السادس لأكثر اللّغات استخداماً في العالم بعدد ناطقين يبلغ 246 مليون شخصاً، وهي اللّغة الأمّ في دول الشام، والخليج العربيّ، والعراق، واليمن، ومصر، وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى من ينطق بها من المسلمين غير العرب عند قراءة القرآن وأداء الشعائر والعبادات الدينيّة، وقد اعتُمدت اللّغة العربيّة كلغة سادسة أساسيّة في الأمم المتحدة عام 1974م.
مميزات اللّغة العربيّة تمتاز اللّغة العربيّة بعدد من الميّزات جعلتها من اللّغات الفريدة في العالم وضمنت استمراريتها عبر القرون المتتالية ومنها:
- تنوّع مخارج الحروف، فالحروف الثمانية والعشرين تتوزّع مخارجها ابتداء من الشفتين، وانتهاءً بآخر الحلق، فنجد أنّ هناك حروف تخرج من طرف اللّسان كحروف الظاء، والثاء، والذال، وحروف تخرج مع إطباق بسيط للأسنان كحرفي الصاد والضاد، وحروف تخرج من آخر الحلق كحرفي الهمزة والألف أو من منتصف الحلق كحرفي العين والحاء، أو من أدنى الحلق كحرفي الغين والخاء، كما أنّ معظم الكلمات العربيّة تراعي تباعُد مخارج حروفها فلا تجد القاف والخاء، أو الخاء والهاء متتابعين ممّا يجعلها سهلة النطق.
- تمتاز اللّغة العربيّة باشتراك الأسماء، والمشتقات، والمصادر، والأفعال في أصل واحد، إمّا أن يكون فعلاً ثلاثيّاً، أو رباعيّاً، أو خماسيّاً، أو سداسيّاً، فمثلاً يقال: (مجلِس، وجلوس، ومجالَسة، وجلسة، ويجلس) فكلّها أصلها من الفعل الثلاثيّ (جلس) وهكذا دواليك.
- اللّغة العربيّة تمتاز بالوزن فجميع تصريفاتها تعود إلى أوزان محدّدة وما شذّ عن الوزن فهو قليل يمكن حصره.
- من ميّزات لغتنا الجميلة أنّها اشتملت على ضمائر للمذكّر والمؤنّث تختلف كتابتها حسب المفرد والمثنى والجمع؛ مع العلم بأنّ التثنية والجمع بحدّ ذاتها ميّزة في اللّغة العربيّة.
- اختلاف صياغة الفعل باختلاف الفاعل، إذا كان مذكراً أم مؤنثاً فنقول: (تجلس ويجلس).
- في لغتنا كلمات تدلّ على التثنية والجمع ولا مفرد لها، كـ (بنون، والعالمين، والثقلان، والمشرقين، المغربين)؛ كما توجد جموع لا مفرد لها من نوعها، مثل: كلمة نساء ومفردها امرأة.
- تمتاز اللّغة العربيّة عن باقي اللّغات بالحركات الإعرابيّة التي تُشكّل بها الكلمات (الضمة، والفتحة، والكسرة، والسكون، والشدّة، والتنوين).
- تتفرد اللّغة العربيّة عن سواها بقدرتها على وصف شيء أو موقف بعبارة واحدة، أو ببضع كلمات موجزة مختصرة تدلّ على المعنى مباشرة دون الحاجة إلى الإسهاب، وهذا من البلاغة والإعجاز الذي تميّزت به ومجمل هذا الإعجاز في قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن نفسه: (أوتيت جوامع الكَلِم)، ونرى هذا الإعجاز في الأمثال العربيّة فقد يحكي مثل من الأمثال قصّة كاملة في بضع كلمات كـ(عاد بِخُفَيْ حُنيْن) أمّا الإعجاز الأكبر الذي تحدّى الله فيه بلاغة العرب أنفسهم وفصاحتهم كان في القرآن الكريم.
- قدرتها على استيعاب اللّغات الأخرى وإدخال مصطلحاتها إليها، فيما يعرف بالتعريب لمسمّيات غير موجودة في اللّغة كأسماء الأكل، والشراب، والألبسة والأجهزة، والمصطلحات العلميّة.
أخيراً إنّ أهمّ ميّزة جعلت اللّغة العربيّة مستمرة وستبقى كذلك، هو نزول القرآن الكريم بها، وأنّ العبادات والصلاة وبعض الذكر لا يكون إلّا باللّغة العربيّة وستبقى هذه اللّغة طالما بقي الإسلام في هذه الأرض، قال تعالى: "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ".