الصحة النفسية إن الصحة النفسيّة من أهم ميادين علم النفس، وأكثرها إثارةً وتشعّباً، فلكلّ فردٍ في المجتمع طريقةٌ خاصة في التفكير، وعادات وأفعال يحبّها، وأخرى يكرهها، وقد اتفق علماء النّفس على مجموعةٍ من المؤشرات التي تدل على تمتّع الفرد بصحةٍ نفسيّة جيّدة، منها ما يشعر به الشخص نفسه، ومنها ما يدركه الآخرون من حوله. سنعرض في هذا المقال أهم مظاهر الصحة النفسيّة.
مظاهر الصحة النفسيّة - الاتزان الانفعالي: وهي أن يكون الشخص مُتزناً في ردود أفعاله، فلا يكون بارداً لا مبالياً، أو منفعلاً أكثر من اللازم، وإنما يتعامل مع الأحداث بطريقة مناسبة وبعقلانيةٍ، ويجد حلولاً للمشكلات التي تواجهه، ولا يتهرّب منها، وهذه الحالة تنتج من شعور الإنسان بالراحة النفسيّة، والطمأنينة، والاكتفاء الذاتي، والتفاؤل، بعيداً عن القلق والأفكار التشاؤمية مثل الوحدة، والخوف، وبالتالي فإنّ اتزان الشخص الانفعاليّ في مواجهة الأحداث من حوله دليل على تمتعه بصحة نفسيّةٍ عالية.
- الدافعيّة: وهي الدافع وراء القيام بالأفعال المختلفة، وتنقسم إلى عدة أقسام، وهي دوافع عضوية لها علاقة بالجسم وأعضائه مثل تناول الطعام بدافع الجوع، وأخذ استراحةٍ بعد التعب، ومنها ما هو نفسيٌّ بيولوجيٌّ وهو قريبٌ من القسم الأول؛ حيث إنّ الجسم يتحكّم بها، وأخرى نفسيّة عاطفيّة لا ترتبط بأعضاء الجسم بشكلٍ مباشر، وإنما هي داخليّة كالحب، والكراهية، والغضب، والانفعال، والحزن، وأخيراً دافع القيم وهو الدافع الناتج عن القيم التي يؤمن بها الفرد ويتّبع خطاها، وهي أكثر ما يتحكّم في سلوكيات الأفراد؛ فسلوك الفرد يَعكس مبادئه وقيمه التي يحملها.
- التفوق العقلي: وهي درجة ذكاء الفرد وقدرته على التحليل والتحصيل الدراسيّ؛ فهي ترتبط بشكلٍ كبير بالصحة النفسية الجيّدة، فعدم تمتّع الفرد بصحةٍ نفسيّةٍ جيّدة تجعله يُعاني من التشتت في التفكير، وعدم الاتزان العقلي.
- وجود علاقاتٍ اجتماعية: من مظاهر الصحة النفسية قدرة الفرد على الانخراط في المجتمع والتعامل معه، وكسب الأصدقاء، وتكوين معارف، وشعوره بالأمن كونه ضمن هذا المجتمع، والانتماء إليه، وكذلك العمل من أجل تنمية وتطوير المجتمع وليس فقط تطوير وتنمية الذات.
ممّا سبق يتبيّن لنا أنّ الصحة النفسيّة تنعكس على جميع أفعال وأقوال الفرد، والذي يتمتّع بصحةٍ نفسيّةٍ جيدة سيكون سعيداً ومُقبلاً على الحياة، ويتطوّر بشكلٍ مستمر، ويطوّر من حوله، أمّا من لا يتمتع بصحةٍ نفسيّة جيدة فيكون أقل اندفاعاً للحياة، وأقل نشاطاً، وتسيطر عليه الأفكار التشاؤمية، كما أنه يتهرّب بشكلٍ مستمر من المشاكل والظروف التي تواجهه، وبذلك فإنّ الصحة النفسية الجيّدة لأفراد المجتمع هي المفتاح لتطوير المجتمع وتنميته.