جاء في كتاب الله عز وجل ذكر عدد من المدن والبلدان والشخصيات والأحداث التي شهدها التاريخ، فكان لكلّ ما ورد في القرآن الكريم قصة خاصة به؛ فشملت أقوام الأنبياء، وتواريخ المدن، وأحوال الناس في تلك الحقبة، ومن أبرز المدن واردة الذكر مدينة مكة المكرمة التي ذُكرت في أكثر من موضع ومن بينها سورة الفتح آية 24، ومصر في سورة يوسف آية 99، والمدينة المنورة والأحقاف والأرض المقدسة، والمدينة العراقية بابل التي وردت في سورة البقرة.
ذكر مدينة بابل العراقية في القرآن الكريمورد ذكر مدينة بابل في الآية رقم 102 من سورة البقرة في قوله تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ).
قصة مدينة بابل في القرآن الكريمجاءت هذه الآية الكريمة للكشف عن صدق إيمان أهل بابل وملكهم نبوخذ نصر كما ورد دليل آخر في سورة الإسراء للدلالة على إيمانهم، فأشار عُلماء التفسير إلى أنّ ذكر بابل في القرآن الكريم جاء على إثر حادثة نبذ اليهود لكتاب الله عز وجل؛ واتباعهم كتب السحرة والشعودة التي كانت تتداول في زمن مُلك نبي الله سليمان عليه وسلم في بابل؛ حيث كانت الشياطين تسترق السمع لنبي الله سليمان ويضمون ما سمعوه بتشويهه وإضافة الأكاذيب إليه ويلفقونها للكهنة ويلقونها لهم، وجاءت الآية الكريمة لتؤكد عدم علم الشياطين بالغيب، ويذكر أنّ سيدنا سليمان أقدم على جمع الكتب جميعها ودفنها، وبعد وفاته أقدمت الشياطين على استخراج الكتب ووضعها بين يدي الناس، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الجن والإنس والطير والريح سُخرت لخدمة سليمان عليه السلام.
وردت القصة في القرآن لتبرئة سيدنا سليمان من السحر؛ حيث تشير الآية إلى عدم إنزال الله سبحانه وتعالى للسحر إلى بابل بواسطة الملكين هاروت وماروت وفي بعض الأقاويل إنّ هاروت وماروت ليسا من الملائكة أصلاً، ويُعزى تفسير ذلك إلى أنّ سحرة اليهود كانت تدّعي على الله سبحانه وتعالى بأنّه أنزل السحر على سيدنا سليمان عليه السلام بواسطة جبريل وميكائيل؛ وكذبهّما الله عز وجّل عندما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لم ينزل السحر أبداً فثبتت براءة سليمان عليه السلام؛ وأنّ أهل بابل قد تعلموا السحر من الشياطين وليس من نبي الله.
يُستدل من الورد الحكيم بقول (فلا تكفر) على إيمان أهل بابل فلم يعبدوا الأصنان والكواكب كالسابقين لهم بل أكد الله سبحانه وتعالى إيمانهم بما سلف ذكره، وإن لم يكونوا مؤمنين فبماذا سيكفرون ويشار إلى أنّ الكُفر أشير له بالسحر والشرك بالله تعالى.
المعالم الدينية في مدينة بابلتعتبر مدينة بابل مرقداً لعدد من الأئمة والأنبياء، ومنها مقام النبي إبراهيم الخليل، ومقام النبي ذو الكفل، ومقام النبي أيوب، ومرقد الإمام علي بن الحسين بن القاسم، ومرقد الإمام عبدلله العسكري.
المقالات المتعلقة بمدينة عراقية ورد ذكرها في القرآن