الكعبة المشرّفة هي أوّل بيت وُضع للناس، وقد بنى البيت سيّدنا آدم عليه السلام ومعهُ الملائكة وكان هذا البيت قائماً حتّى أدركته السيول والطوفان، وكانت عملية بناء الكعبة المشرّفة الثاني برفع القواعد التي هو عليها من قِبل سيّدنا ابراهيم عليه السلام ويُعاونه في ذلك ابنه سيدنا إسماعيل عليه السلام كما ورَد ذلك في سورة البقرة إذ يقول الله تعالى :(( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ))، وبقيَ البيت العتيق وهو الكعبة المُشرّفة على هذا البناء الذي بناهُ عليه سيّدنا ابراهيم وإسماعيل عليهما السلام حتّى انتقض بإحدى السيول التي أحاطت بمكّة.
والكعبة المشرّفة تقع في أطهر بُقعةٍ على وجه الأرض وهي مكّة المُكرّمة، والتي كانت تُدعى سابقا بكّة، وكلاهما نفس المكان، وتُدعى مكّة أيضاً بأمّ القرى وبالبلد الأمين، وهي مركز بدء الدعوة الإسلامية ومولد النبيّ الخاتم مُحمّد صلّى الله عليه وسلّم، وقد كانت الكعبة محجّاً للعرب في جاهليتهم قبل الإسلام وبيتاً مُقدّساً يولونه كلّ اهتمامهم وعنايتهم، ولكن كان الشرك بالله مُحيطاً ببيته المقدّس حتّى أرسل االله رسوله بالهدى ودين الحقّ وحطّم أصنام الشرك ورفع راية التوحيد في سماء الحقّ متجذّراً في أرض مكّة الصلبة.
والكعبة في الإسلام كانت هي القبلة الثانية التي تحوّل لها المُسلمون بعد بيت المقدس في أرض فلسطين المُباركة، وفضل الصلاة والأجر في المسجد الحرام حيث الكعبة المُشرّفة يعادل أجر مائة ألف صلاة، ولأهمية هذا البيت الحرام وهذهِ الكعبة المُشرّفة فقد سارع العرب من أهل مكّة حين هدمتها سيول مكّة المتدفقّة إلى إعادة بناء الكعبة وبنفقة من أهل مكّة، وهنا نشير إلى أنّ المال الذي استخدم في إعادة بناء الكعبة اشترط به أن يكون مالاً حلالاً ليس فيه ربا من ربا الجاهليّة أو مهرٌ لامرأةٍ بغيّ، وهذا يدلّ على شدّة تعظيمهم للبيت.
حِجر إسماعيل ( الحِجر أو الحطيم)
حين جَمَعَ أهلُ مكّة أموال بناء الكعبة من مصادرها النقيّة البعيدة عن الربا والزنا والحرام، شرَعوا مباشرةً في بناء البيت وإقامته ولكن المال لم يكفي في إكمال بناء الكعبة كما كانَ على عهد سيّدا ابراهيم وإسماعيل عليهما السلام ومن قبلهما آدم عليه السلام، فاضطر أهل مكّة أن يُخرجو من الكعبة جزءاً ويحجروا عليه وهو الذي يُدعى اليوم بحٍجر إسماعيل ( وتُلفظ كلمة الحِجر بكسر الحاء) وتعني كلمة الحِجر أنَّ هذا المكان الذي هوَ عبارة عن نصف دائرة تقع شمال الكعبة المُشرّفة هو مكان مُحجورٌ عن طواف الناس وهو جزءٌ محجورٌ عليه لأنّهُ جزءٌ من الكعبة، ومن الخطأ الشائع لدى الناس أن يُطلقو عليه اسم حٍجر إسماعيل، لأنَّ إسماعيل عليه السلام لم يختصّ لنفسه بهذا المكان وإنّما كانَ بناءً مُقاماً كجزء أصيل من الكعبة ولم يكُن لإسماعيل عليه السلام أو غيره، ومن الأسماء التي أُطلِقت على الحِجر أيضاً هو الحطيم.
الدليل الشرعيّ على أنّ الحِجر هو جزءٌ من الكعبة
ونستدلُّ من حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعائشة رضيَ الله عنها أنَّ الحِجر هو جزءٌ من الكعبة حيث قال لها رسولُ الله صلّى الله عليهِ وسلّم كما ورَد في صحيح مُسلم: (يا عائشةُ ! لولا أنَّ قومَكِ حديثو عهْدٍ بشرْكٍ، لهدَمْتُ الكَعْبَةَ . فألْزَقْتُها بالأرْضِ . وجعَلْتُ لها بابَيْنِ بابًا شرْقِيًّا وبابًا غربِيًّا . وزدتُّ فيها ستَّةَ أذرُعٍ منَ الْحِجْرِ . فإِنَّ قريشًا اقتصرتْها حيثُ بنتِ الكعبةَ).
المقالات المتعلقة بما هو حجر إسماعيل