البَيْنُ البَيْنُ هي لفظٌ غنيُ المَعنى، وتأتي بمعنى والوصل والقرب، وتأتي بمعنى الفرقة والبعد، يُحَدِدِهُا سِيَاقُها، فإن كان مدحاً فهو وَصْلٌ، وإن كان ذماً وتحذيراً، فهو فرقة، وهذا في عموم اللفظ، أما تخصيصه فيأتي على عموم ما تعارف عليه الناس، فأقواهُ يأتي بمعنى النَسَبْ والقَرَابة، وأخصهم بالذكر الأرحام، فهم أولى الناس به، وقولنا ذات البين أي القرابة، فإن ذكرت مفردة، أريد بها الفرقة التي تقع ما بين كل قريب مع قريبه، وتتعدد أشكال هذه القرابة، فهي ما بين المرء ونفسه، وما بين الاثنين، وما بين الجماعة من أولي القربى.
حَرِصَ الدين الإسلامي على صلاح ذات البين، وقد جاء الأمر على الوجوب بالسعي في صلاحها، ورتَبَ الشرعُ الإسلامي ثوابا عظيما، لمن أجتهد وسلك هذا الطريق، وذلك من قول الله عز وجل : (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ )، وقول المصطفى عليه الصلاة والسلام ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَة قالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللّه قَالَ إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَة).
وسائلٌ لِإصلاحِ ذاتِ البَينِ - أنْ يعلمَ الساعي بإصلاحِ ذات البين، بأنَّ هذا العمل عبادةٌ، يُتقربُ بها إلى الله عز وجل، فلا بُد من الإخلاص لله عز وجل فيها.
- التوجه للمتخاصمين وتذكيرهم بخطورة هذا العمل، وما يترتب عليه من عدم رفع الأعمال الى الله عز وجل، ويُستدل عليه من القرآن والسنة.
- مدح الطرف المقابل أمام احد المتخاصمين، حتى ولو دخل عليه شيء من الكذب، فهو لا يُعد ُكذبا ًفي هذا الباب، فقد أجازهُ الشرع ُفي مثل هذه المسائل.
- تنبيه المتخاصمين بأن الوقيعة بينهم من عمل الشيطان، والتمادي فيها من حثِ الشيطان عليها، ودعوته لها.
- المبادرةُ للإصلاح بين المتخاصمين بأسرع وقت، فإنَّ التأخير فيه مَضَرَةٌ، وهي فرصة للنمام بنقل الأقوال، وإثارة الفتنة، وزيادة المشكلة بين الطراف المتخاصمة.
- على الساعي بإصلاح ذات البين، عدمُ الإكتراث ِبالمثبطين َمن النمامين، والساعين للوقيعة ِبين الناس، فعليه ِبالتكتم على ما يدور بينه وبين أطراف الخصومة من حوار.
- اختيار العبارات اللطيفة والرقيقة، التي تطفئ الغضب، وتزيد المحبة، فهي تُمَهِدُ الطريق أمام الصُلْحِ.
- الاستعانةُ بالأشخاص المقربين من المتخاصمين، وذلك لأجل الضغط عليهم من باب الود، والمحبة، وقرب المكانة منهم.
ثمار اصلاح ذات البين - حصول الأجر والثواب من الله، فهذا العمل يُعد بمقام الصلاة والصيام والصدقة.
- تقوية الروابط بين أفراد المجتمع الإسلامي، وترسيخ مبادي التكافل الاجتماعي، الذي له انعاكساتٍ على واقع المجتمع في شَتَىَ الصُعِدِ.
- زيادة قوة وتماسك الجبهة الداخلية.
- سببٌ لمغفرة ِالذنوب ِ، ورفعُ الأعمال الى الله عز وجل.