الإيمان بالله تعالى يقتضي وجود العديد من التطبيقات العملية على أرض الواقع، فلا يصح أن يرفع المسلم الشعارات فقط، بينما هو في حقيقية الأمر بعيد كل البعد عما يتفوه به، فتطبيق الإيمان واقعياً من قبل المؤمن هو الدليل الأبرز على رسوخ هذا الإيمان في قلبه.
من أهم المصطلحات التي قد تعترض المسلم في حياته، وفي مسيرته الإيمانية مصطلحا: التوكل، والتواكل، حيث يتسبب هذان المصطلحان بلبس لدى البعض، ومن هنا فإن من يتتبع علماء الدين يجدهم يركزون على الدوام على إيضاح الفرق بينهما وتبيانه للسائلين، والمستمعين، والقرَّاء، وفيما يلي بعض الإيضاحات عن هذين المصطلحين.
الفرق بين التوكل والتواكليعرف التوكل اصطلاحاً على أنه تعلق قلب الإنسان بالله تعالى، واعتماده عليه في كل صغيرة وكبيرة من أمور الحياة، ويعني التوكل بكلمات أخرى تفويض الإنسان أموره كلها إلى الله، وطلب العون منه في كل ما يعترضه من أمور، ومن أهم ما يميز التوكل، بل ومن أهم شروط تمام التوكل أن يكون مقروناً بالأخذ بالأسباب، فمبداً السببية واحد من أهم المبادئ التي أسس الله تعالى عليها هذا الكون الواسع العظيم، فلا يمكن أن تنجح حياة الإنسان إن سكن وجلس، ولم يأخذ بالأسباب اللازمة لتحصيل ما يطلبه من أغراض، وما يسعى إليه من أهداف.
أما التواكل فيشترك مع التوكل في الاعتماد على الله تعالى، والاستعانة به في طلب الأمور الدنيوية، غير أنه يختلف معه في أن المتواكل لا يأخذ بالأسباب، بل يجلس وينتظر المدد من الله تعالى، وهذا مخالف لما بني عليه هذا الدين، ولما أمرنا به الله تعالى في كتابه الحكيم، ولما جاء في سيرة وسنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، ولما وردنا من أخبار عن الصحابة الكرام، وعظماء الأمة الإسلامية الذين صنعوا أمجادها يوماً ما، ومن هنا فإنه يمكن القول أن التواكل هو السبب الأول وراء تخلف أبناء الأمة الإسلامية في يومنا هذا.
التوكل في حياة الرسوللم يكن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- متواكلاً، بل كان متوكلاً، ويتضح ذلك بشكل كبير من تتبع سيرته الشريفة، فقد كان قلب الرسول الأعظم معلَّقاً بالله تعالى، في الوقت الذي كان فيه يأخذ بكافة الأسباب حتى تنجح مخططاته الدعوية، وأموره الحياتية، ويكفي للدلالة على ذلك أن نستذكر قصة الهجرة الشريفة، وكيف أنه أخذ بكافة الأسباب حتى يصل إلى المدينة المنورة بأمان هو وصاحبة الصدِّيق –رضي الله عنه-، ابتداءً من نوم ابن عمِّه علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- في فراشه، إلى ذهابه إلى غار ثور ومكوثه فيه، إلى استعانته وصاحبه بالسيدة أسماء –رضي الله عنها- في تزويدهما بالطعام، وإلى العديد من الإجراءات الأخرى.
المقالات المتعلقة بما الفرق بين التوكل والتواكل