بدأت عداوة الشّيطان لبني آدم منذ أن أمر الله سبحانه و تعالى الملائكة بالسّجود لآدم تكريماً لشأنه و خلقه ، فبعد أن رفع الله مكانة إبليس و جعله مع الملائكة ، بان أصله و ظهرت سريرته جليّةً واضحةً عندما استكبر عن الامتثال لأمر الله ، و كان ردّه أنا خلقت من نارٍ و آدم خلق من طين ، فاستهان اللعين بخلق آدم و عصى الله ، فكانت عاقبته أنّ لعنه الله إلى يوم الدّين ، و قد أنظره الله سبحانه إلى يوم يبعث البشر حيث يكون موعد الفصل الرّباني مع جميع الخلق ، و قد أخذ إبليس عهداً على نفسه على أن يغوي بني آدم و يزيّن لهم الباطل ، فعداوة إبليس للبشر متأصّلةً في نفسه ، فهو كما جاء في الحديث يضع عرشه على الماء و يرسل سراياه و يكلّفها بمهمات إضلال البشر و فتنتهم عن دينهم ، و حرفهم عن مسارهم الذي ارتضى الله لهم ، و قد حصر الله سلطانه على من اتبع نهجه ، و لم يجعل له سلطاناً على المتّقين المؤمنين .
و إنّ الشّيطان يتعرّض لابن آدم منذ مولده ، فيطعن اللعين في بطنه فيستهلّ صارخاً كما بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم في الحديث ، و لم ينجو أحدٌ من طعنة الشّيطان إلا مريم بنت عمران و ابنها عيسى عليه السّلام ، و قد كانت حمايتهما من تلك الطّعنة بسبب دعاء أمّ مريم حيث قالت ( و إني أعيذها بك و ذريّتها من الشّيطان الرّجيم ) ، فاستجاب الله لها ذلك و أعاذه ابنتها و ولدها الوحيد عيسى عليه السّلام ، و إنّ هذه الطّعنة من الشّيطان هي بداية المعركة و التّحرش بينه و بين بني آدم ، لذلك على المسلم الفطن الذي يسعى لنيل رضا الله سبحانه و تعالى و الفوز بالجنّة أن يتفطّن لعداوة الشّيطان المتأصّلة لبني آدم ، فيعمل الصّالحات و يجتنّب المنكرات و المعاصي .
أمّا التّفسير الطّبي لمسألة صراخ الطّفل ، فلم أجد حقيقةً جواباً شافياً لهذه المسالة ، فمنهم من تحدّث أنّها بسبب امتلاء رئة المولود بالماء ، فتحصل تلك التّغيرات لإخراج الماء ، و هناك من يفسّر هذه الظّاهرة بقوله أنّ المولود الجديد تكون رئتيه فارغتان من الهواء عند خروجه من رحم أمّه ، فتدخل إليها كميّة كبيرةٌ من الهواء محدثةً صدى عالياً للطّفل تكون ردّة فعله عليه الصّراخ الشّديد ، و الحقيقة السّاطعة هي أنّ ذلك يحدث بأمر الله لبيان عداوة الشّيطان لبني آدم .
المقالات المتعلقة بلماذا يصرخ الطفل عند الولادة