بعث الله عز وجل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً لكافة الأمم، وهو خاتم الأنبياء والرسل، وقد تحلى صلى الله عليه وسلم بكريم الأخلاق قبل البعثة وبعدها، وسنتحدث اليوم عن كيفية وفاته صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث وستون عاماً من العمر، في الثاني عشر من ربيع الأول في السنة الحادية عشرة من الهجرة يوم الإثنين.
مما لا شك فيه أنّ رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من البشر ويتعرّض جسمه الى ما يتعرض اليه أجسام البشر وآخرها الوفاة، كانت وفاته صلى الله عليه وسلم من المواقف المفجعة للصحابة رضوان الله عنهم، فبعضهم لم يصدق والبعض الآخر انهار وهناك من ارتد، ولكن كان من عظيم نعم الله تعالى وحفظه عز وجل لهذا الدين أن ثبّت قلب أبي بكر الصديق رضي الله عنه واستطاع أن يجمع الناس مرةً أخرى معاً.
ما نزل من القرآن في وفاة النبينزلت الكثير من الآيات لتدل على قرب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن لم يشعر بها الكثير من المسلمين إلا كبار الصحابة مثل أبي بكر الصديق، والعباس، ومعاذ رضي الله عنهم، ومن هذه الآيات:
أمّا عن تفاصيل وفاته صلى الله عليه وسلم فكانت عندما عاد من حجته في السنة العاشرة للهجرة، حيث إنّه صلى الله عليه وسلم أقام في المدينة بقية شهر ذي الحجة ومحرم وصفر، ثم بدأ بتجهيز جيش أسامة بن زيد لفتح فلسطين والبلقان، وكان عمر أسامة آنذاك ثمانية عشر، وفي هذه الأثناء بدأ صلى الله عليه وسلم يشكو من الألم، حيث بدأ الألم عند عودته من زيارة أهل البقيع حيث زارهم للاستغفار لهم بعد أمر الله له بذلك، ثم استأذن أزواجه بأن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها ، واشتد عليه المرض صلى الله عليه وسلم حتى قال:((أهريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن، لعلي أعهد إلى الناس))، وبعد أن شعر بتحسن خرج الى الناس فصلى بهم وخطبهم، وقالت عائشة رضي الله عنها ((ما رأيت رجلاً أشد عليه الوجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم)) حيث أنه صلى الله عليه وسلم يمرض كمرض رجلين من الناس.
عندما اشتد المرض عليه صلى الله عليه وسلم وحضر موعد الصلاة وأذّن بلال؛ أمر صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالصلاة في الناس، ثم شعر النبي صلى الله عليه وسلم بالتحسّن قليلاً فدخل على الناس في الصلاة يسنده رجلان فأراد أبو بكر أن يتأخر ليؤم بهم صلى الله عليه وسلم إلا أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم أمره بأن يُكمل.
جاء يوم الإثنين الذي فيه توفي صلى الله عليه وسلم، وفي وقت صلاة الفجر كشف النبي صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة وأخذ ينظر إلى المسلمين وهم يصلون، وفرح من تعلقم بدينهم وربهم، وظنّ الصحابة أنه بدأ يستعيد عافيته، ثم عاد إلى حجرة عائشة ودخل عليه أسامة بن زيد ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يستطع أن يتكلّم فكان يرفع يديه ويضعهما على أسامة فعرف أنّه يدعو له، ثم دخل عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده سواك فأخذ ينظر إليه صلى الله عليه وسلم ففهمت عائشة أنّه يريده، فأخذته من أخيها ومضغته وليّنته بريقها وناولته إياه فأخذ يستاك به، وكان يردد صلى الله عليه وسلم: "بل الرفيق الأعلى"، وكان يدخل يده في ركوة ماء أو علبة ماء ويسمح بها وجهه وهو يقول: "لا إله إلا الله، إنّ للموت سكرات"، ثم نصب يده وهو يقول:" بل الرفيق الأعلى" حتى قبض ومالت يده، وتوفي صلى الله عليه وسلم.
المقالات المتعلقة بكيف توفي النبي محمد عليه الصلاة والسلام