الاعتذار هو تعبير عن الشعور بالندم لقولٍ أو فعلٍ أو إساءة قام بها شخص تجاه شخصٍ آخر؛ وسبَّبت له ألماً. الاعتذار لا يكون في الأحوال العادية ولا من ضمن التعاملات اليومية، بل هو يأتي في حالات استثنائية، حيث أن من يقوم بالاعتذار؛ يكون قد سبَّب ألماً مُعيَّناً لشخصٍ ما، ويكون هذا الشخص له مكانة خاصة عنده، فلن يعتذر أحدٌ – في أغلب الأحوال – من شخصٍ لا يعنيه بشيء. ويأتي الاعتذار الحقيقي عندما تكون هناك علاقة خاصة تجمع الطرفين، فيكون أحدهما قد أساء إلى الآخر بطريقة أو بأخرى، سواء كان قاصِداً لذلك الأذى أو بدون قصد.
قالوا في الاعتذار أنه من شِيمِ الكبار، والإعتراف بالحق فضيلة. فالأمر يتطلَّب شجاعة كبيرة؛ حتى يقوم الشخص بالتنازل عن كِبريائه ويقوم بالاعتذار لمن أخطأ في حقه. فالأمر السهل هو التكبُّر على هذا الخطأ وعدم الإكتراث به ولا بنتائجه، وهذا ما قال فيهم الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم (أخذته العزة بالإثم)، والاعتذار ليس من قَبِيل التنازل في شيء، بل هو شيمة محمودة في الشخص، حيث أنه يعترف بخطئه ويتراجع عنه، وهي من أمور تهذيب النفس والتحكم فيها، فلا يعود يُخطيء في حقِّ أحد، حيث يبدأ في تدريب وتطويع نفسه حتى يُقلِّل أخطاءه ويجعلها تكادُ تكون معدومة.
إن أخطأت في حقِّ صديقتك أو أخيك أو أي أحدٍ من المقربين إليك، يجب عليك أن تعرف أولاً أنك أخطأت، فعدم معرفتك لخطئك سيزيدُ الأمر سوءاً. اعترف بخطئك، لا تعلو ولا تتكبر، فالخطأ بيِّن، ولا تحاول تبرير خطئك، قل عُذرك ولكن بدون تبرير؛ فالمبررات معناها أنك لا تشعر بأنك أخطأت؛ بل الطرف الاخر أساء فهمك بطريقة ما. لا ترفع رأسكَ عالياً وأنت تقوم بالاعتذار؛ ولا تُطئطئه أيضاً، فأنتَ لست في مكانٍ يسمح لك بالتعالي على أحدٍ ولستَ ذليلاً لأحد، نعم أنك أخطأت؛ ولكن هذه هي طبيعة البشر، وفيهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوابون)، فكل الناس تُخطيء، ولكن أفضلهم وأرفعهم شأناً هو من يتراجع عن هذا الخطأ. عند ذهابك إلى الاعتذار من صديقتك أو من زوجتك؛ خذ معك هدية جميلة، لا يجبُ أن تكون متكلِّفة، يكفي باقة من الورود أو شيئاً رمزياً، وليكن هذا الشيء يدلُّ على صدق نيتك في الاعتذار. اجعل نبرة صوتك معتدلة، لا عالية ولا مُنخفِضة، فأنتَ لا تريد من صديقتك أن تظُنَّ بأنك تصرخ في وجهها؛ ولا أن هذا الذنب يُشعرك بالخزي، لأن الشعور بالخزي يُخفي أخطاءاً أخرى خلفه لا تريد أن تبوح بها، فالصوت المعتدل يدلُّ على صِدقِ نواياك؛ وأنك لا تُخفي شيئاً آخر ولا أخطاء أُخرى.
يقول فيثاغورس في نظريته الشهيرة (لكل فعل ردُّ فعل، مساوي له في المقدار ومُعاكِسٌ له في الاتجاه)، ولذلك يجب أن تتناسب طبيعة الاعتذار مع حجم الخطأ الحاصل، فكلما كبُر الخطأ أصبح الاعتذار أكبر؛ حتى يقوم بالشفاعة لهذا الخطأ، فتقوم بمسامحتك. اعرف أن مسامحتها لك لا تعني أنها قد نسيت، بل تجاوزت عن هذا الخطأ لهذه المرة، فيجب عليك العزم على عدم تكرار مثل هذا الخطأ مرة أُخرى، فتِكراره سينفي عنك صِفة الصدق في اعتذارك؛ ولن تعود تُصدِّقك في المستقبل إن اعتذرت؛ ومهما كانت الطريقة. إن تدريب النفس وتهذيبها من الأمور التي تجعل الأخطاء تقِلُّ كثيراً حتى لا تكادُ تكون ذات قيمة.
المقالات المتعلقة بكيف اعتذر لصديقتي