يمكن تعريف الإستغفار على أنه طلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى والتجاوز عن الذنب وعدم المؤاخذة به. وحرفي "السين" و "التاء" في اللغة إذا أتيا متتاليين؛ فإنهما بعنيان الطلب لِما يليهما في نفس الكلمة، وهُنا أتيا بعد المغفرة، أي لطلب المغفرة من الله الغفور الرحيم. وللاستغفار في الدين مكانة عظيمة، فهو مطلوب من كل الناس دون استثناء ولكن دون فرض، بل للترغيب فيه، ومن روعته أنه يجوز في أي وقتٍ وبدون وضوء، فلا يُشترط الوضوء حتى يستطيع الإنسان أن يستغفر ربه. وقد قال جلَّ وعلا في كتابه الحكيم (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا)، فالاستغفار هو مفتاح الرزق من أمطار وأبناء وأموال، وكثيراً ما نسمع من الحكماء؛ عندما يجدون شخصاً ابتلاه الله سبحانه وتعالى أن يقولوا له "أكثِر من الاستغفار"، وهذا الأمر لم يأتِ عبثاً؛ ولكن نظراً لِما في الاستغفار من وعدٍ من الله عزَّ وجلَّ بالفرج والنعيم.
جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ومن كل همٍّ فرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب)، مع أن هذا الحديث ضعيف إلا أن معناه صحيح نظراً لأنه يتماشى مع الآيات الكريمة السابقة الذِّكر، وكلمة "لزِم" في بداية الحديث تعني الإكثار، فليس فقط المطلوب هو الإستغفار؛ بل المطلوب هو الإكثار منه، والدين هو الوحيد الذي لا يكون فيه الإكثار مُضِراً على عكس سِواه؛ فيكون في غيره كما قالوا "ما زاد عن حده انقلب ضده"، ولكن في الإسلام ما زاد عن حدِّه زاد في أجره. ولُزوم الإستغفار يستلزم تديباً وترويضاً للنفس حتى لا تتعب من هذا الأمر، فالإنسان الذي يرغب في لزوم الإستغفار؛ يجب عليه أولاً أن يقتنع بفوائد الاستغفار والتي وإن لم يرها في الدنيا؛ فهي مخزونٌ له من الحسنات يوم القيامة. يمكن للإنسان أن يستغل أوقاته التي لا يكون فيها قائماً بأي عمل بالاستغفار، فمثلاً أثناء الوقوف على إشارة وهو سائق، أو في حال وجود أزمة في الطريق الذي يسلُكه؛ يمكنه أن يقضي هذا الوقت مستغفراً، بهذه الطريقة لن يثور على أحدٍ ولن يهُبَّ كالليث الجريح ليفتعل مشكلة مع أحدٍ لأنه تأخر عن موعدٍ معين أو اجتماعٍ ما.
طريق رائعة للاستغفار يمكن للجميع أن يعملوها وقد قمتُ بها انا شخصياً، أثناء صعود الدرج أو النزول منه، فبدلاً من أن تعُدَّ الدرجات صعوداً ونزولاً؛ يمكنك ان تستغفر مع كل درجة مرة؛ أو في كل بضع درجاتٍ مرة، بهذه الطريقة لن تعود تعد الدرجات؛ بل ستجد بانك كلما صعدت او هبطت درجة قمت بالإستغفار دون أن تدري. أثناء تادية الرياضة سواء صباحاً أو مساءاً أو في أي وقت، فبدلاً من أن تضع جهاز التسجيل في أُذنيك وتستمع إلى الأغاني والموسيقى؛ يمكنك أن تستغل هذا الوقت بالإكثار من الاستغفار. أما بالنسبة للذين يحبون عدَّ عدد مرات استغفارهم؛ فيمكنهم أن يعدُّوا على أصابعهم وخصوصاً أصابع اليد اليمنى، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات)، أي يشهدن لك يوم القيامة بأنك كنتَ مُلازِماً للاستغفار، ولذلك لا ننصح باستخدام المسبحة لما في ذلك من فوات للأجر العظيم.
المقالات المتعلقة بكيف ألزم الاستغفار