النبيّ في اللغة العربيّة من النبأ وهو الخبر، وسبب تسمية النبي نبيّاً أن النبي مُخَبَّرٌ ومُخَبِّرٌ بمعنى أنّ الله نبَّأه وأخبره وأمره بوحي وأوحى إليه. النبي يُخبر الأمر عن الله سبحانه وتعالى وفق أمره ووحيه سبحانه، ويقال أيضاً إنّ النبي مشتقٌّ من النبوَّة، وهي الأرض التي ارتفعت عمّا حولها من الأرض فهي أرضٌ مُرتفعةٌ عن كلّ ما يُحيط بها من الأراضي؛ فالنبيّ عَلَمٌ من أعلام الأرض، والدنيا كلها تهتدي بالنبي صاحب المَكانة العالية وصاحب القيمة والقدر العظيم، كيف لا والأنبياء هم أشرف خلق الله سبحانه وتعالى وبهم تصلح الدنيا وتطيب، وبهم يَعرف الناس أخبار الآخرة، فيعملون لها بما يُرضي الله سبحانه وتعالى .[١]
الرسولالرّسل هم أصفياء الله من خلقه الذين اختارهم الله تبارك وتعالى من جميع البشر ليَحملوا دعوة الله سبحانه وتعالى، وكلّفهم بالرسالة وبنقل رسالة ما للبشر ولذلك فهم يحملون رسالة الله إلى الخلق فيُبشّرون المؤمنين الذين آمنوا بالله وتمسكوا بالحق وعملوا الصالحات بالثواب والأجر من الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة، ويُنذر الرّسل الكفار وأهل السيئات ويحذّرونهم من غضب الله وعذابه وعقابه؛ فهم رسل الله إلى خلقه مبشِّرين بالخير لكلّ متمسّكٍ بأوامر الله.[٢]
الفرق بين النبي والرسولتعدّدت الآراءُ في الفرق بين النبيّ والرسول ولكنّ أرجحها أنّ الفرق بين النبي والرسول يَكمنُ في أنّ الرسول هو من يُوحي الله سبحانه وتعالى له بشرعٍ جديد، أمّا النبي هو الذي يَبعثه الله تعالى لدعوة قومه بنفس الشريعة السابقة التي كان يَدعو لها مَن قبله، والكلام هنا عن الشريعة لا العقيدة، فالعقيدة التي جاء بها جميع الأنبياء والرسل هي عقيدة واحدة مقتضاها الإيمان بالله وتوحيده والإيمان بكل الحقائق الغيبية، ولكنّهم أي الأنبياء والرسل اختلفت الشرائع بينهم، والشرائع هي العبادات وما أحلَه الله على كل قوم كالمأكل والمشرب وما حرمه عليهم.[٣]
وظيفة الأنبياءتتلخّص وظيفة الأنبياء في الأمور الثلاثة الآتية:[٤]
إنّ النبوة منحة إلهيّة ربانية، ولا ينالها النبي بمجرّد الرغبة من طرفه؛ فليس الأمر مُتعلّقاً برغبة الإنسان بل النبوّة منحةٌ وهديةٌ واصطفاءٌ واختيارٌ من الله سبحانه وتعالى، يمنّ به رب العزة على من يشاءُ من خلقه، فلا يناله كائنٌ من كان بجهدٍ ومشقةٍ وسعيٍ، وتكلف في العبادة، وإجهاد النفس، واقتحام المشاق، ولا بالرياضة النفسية، وتنقية الروح والخاطر، ولا بتهذيب النفس وإرهاقها، ولا تطهير الأخلاق؛ فقد بَيّن الله سبحانه وتعالى أنّ النبوة مَكرمة ونعمة من الله، فالله سبحانه وتعالى يقول: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا)[٥]، وهذا أُمية بن الصلت كان يطمع أن يكون هو نبي الأمة المنتظر وله الكثير من الشعر الذي يتوجّه فيه إلى الله بالدعاء أن يكون نبيّاً، ولكنه لم يحصل على رغبته ومراده؛ فالأمر ليس بالرغبة والتشهي والطلب بل نعمة من الله ينعم بها على من يشاء من عباده.[٦]
عدد الأنبياءالأنبياء والرسل كثيرون جداً من حيث العدد؛ فقد كان الله سبحانه وتعالى يُرسلُ الرّسلَ للأقوام ثمّ يبعث في هؤلاء أنبياء كثيرون يُؤكّدون رسالةَ الرسول الذين سبقهم ويدعونَ الناسَ للالتزامِ بتلك الشريعةِ التي جاءَ بها الرسول، وقد ذكر القرآن الكريم من الأنبياء والرسل خمسةً وعشرين وهم: آدم، وإدريس، ونوح، وهود، وصالح، وإبراهيم، ولوط، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، وشعيب، وأيوب، وذو الكفل، وموسى، وهارون، وداود، وسليمان، وإلياس، واليسع، ويونس، وزكريا، ويحيى، وعيسى، ومحمد عليهم الصلاة والسلام جميعاً. [٧]
بالإضافة لهؤلاء جميعاً هناك رسلٌ كثيرون وأنبياء كثيرون جداً لم يرد ذكرهم في القرآن الكريم، ودليل ذلك قوله تعالى: (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)[٨]، وورد في عدد الأنبياء حديثٌ عن سيدنا محمد - صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الذي يرويه أبو ذر -رضي الله عنه- أنه قال: (قُلتُ : يا رسولَ الله، كَمٍ المرسلونَ؟ قالَ: ثلاثمائةٍ وَبِضعَةَ عشرَ جمّاً غفيراً ) وفي رواية أبي أمامة، قال أبو ذر: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَمْ وَفَّى عِدَّةُ الْأَنْبِيَاءِ؟ قَالَ: " مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا )[٩]، فهذا الحديث يشير إلى أنّ عدد الأنبياء هو مائة وأربعةٌ وعشرون ألفاً علمنا منهم القليل جداً، والكثيرون يجهلون أسماءهم وأقوالهم ولا شك أنّ في ذلك حكمةٌ ربانيةٌ قد يجتهد البشر والعلماء بذكر بعض هذه الحكم ولماذا أخفى الله عنّا هؤلاء الأنبياء وأحوالهم مع أقوامهم ولكنّها تبقى اجتهادات ربما توافق الصحيح وربما لا تكون صحيحةً، ولذلك يكتفي المسلم بالإيمان بجميع الأنبياء والرسل فالإيمان بهم واجبٌ وطاعةٌ لله سبحانه وتعالى. .[١٠]
المراجعالمقالات المتعلقة بكم عدد الأنبياء