يحبّ الأطفال النّوم على صوت والدتهم أو والدهم يقرأ لهم بعض القصص أو يدندن لهم بعض أغانيهم المفضّلة، إذ إنّ قصص الأطفال تدخل ضمن أدبٍ خاصٍ أفرد فيه الكتّاب أعمالاً كثيرةً بين تأليفٍ وترجمةٍ أو محاكاةٍ لأعمالٍ أدبيّةٍ عالميّةٍ. وسنعرض في هذا المقال قصّتان قصيرتان من أدب الأطفال: القطّة المُحتارة، وقصّة فرشاة الأسنان، ومن ثمّ سنتبعها بأهمّ ما يجب معرفته عن قصص الأطفال.
قصة القطة المتحيرةفي كثيرٍ من المرّات كانت القطة لولي تنظر إلى المرآة ولم يكن يعجبها شيء، كانت تتذمّر دائماً من شكلها الذي لا يعجبها، وكانت دائمة المراقبة للحيوانات الأخرى، فمرّة تحلم أن تطير مثل الطائر، ومرة تحلم أن تسبحَ مثل السّمكة، ومرة أن تقفز مثل الكنغر، وفي إحدى المرات كانت تراقب البطات من حولها وهنَّ يسبحن على سطح الماء، فأحبت أن تكون بطة تجيد السّباحة... ولكن هذا القناع لم يساعدها على أن تصير بطة حقيقية أو أن تسبح مثل باقي البطّات، ثم رأت أرنباً يقفز بسرعة ويأكل الجزر بأسنانه الكبيرة، أحبت تلك القفزات الطويلة فقررت أن تصير أرنباً، ولكن تلك الآذان الطويلة لم تُسهّل عليها عملية القفز والجري بل على العكس زادت الطّين بِلّة، وأثناء عودتها للمنزل وهي تتذمر رأت قطيعاً من الخرفان، فأحبت شكلها المستدير بصوفها الكثيف، فقررت أن تصير خروفاً جميلاً، ولكن بعض الصّوف على جسدها لم ولن يجعلها خروفاً حقيقياً وأخيراً، كان القرار الأخير هو الأغرب.
أثناء تجوالها في أحد البساتين رأت بعض الفاكهة، فوصل طَمَعُها برغبتها أن تصير فاكهةً لذيدةً برائحةٍ طيبةٍ، فوضعت بعض قشور الفاكهة على رأسها، واستغرقت من تعبها في نومٍ عميقٍ، وفجأة شعرت كأن أحداً ما يُحرّكها من مكانها، نظرت نحو الأعلى، فرأت خرفاناً من حولها تفتح فاها محاولةً أكلها ظانّةً إياها نوعاً لذيذاً من الفاكهة، وما إن أدركت القطة هذا حتى خلعت القناع وفرّت هاربة مذعورة وهي تقول: أنا محظوظة لأنّي قطةٌ أستطيع الهرب بسرعة ولم أكن فاكهةً أو أيَّ شيء آخر، ثم عادت إلى بيتها وهي مسرورة.
قصة فرشاة الأسنانتصلح قصة فرشاة الأسنان لأن تكون نشيداً نسمعه لأطفالنا قبل النوم، وذلك لتذكيرهم بأهمية تنظيف الأسنان:
أنا فرشاة للأسنان...أحب الخير للإنسان إني للأطفال صديقة...لكن يكرهني بعض الأطفال جاء طفل في عجلٍ يسألها: ما سبب الأحزان؟ قالت والألم يبكيها: في رأسي أشواك ناعمة، تنظف أسنان الأطفال لكن منهم من يكرهني يرفض، يرفض أن يحملني قال الطفل في عجب: أنا أهواك يا فرشاة في محفظتي أحفظك، أحملك دوماً بثبات قالت فرشاة الأسنان: لست شيئاً تحفظه، استعملني...استعملني في المحفظة لا تنساني دوماً دوماً استخدمني في الصبح، في الظهر وقبل النوم على أسنانك مررني واجعلني واجبك اليومي أجعل من فمك نظيفاً أبعد عن أسنانك مرضاً أجعلها صلبة ومتينة فلا تتركني الدّهر دفينة عن أسنانك تبعدني ماذا تريد خيراً مني؟! هلا محيت الحزن عني؟ قصة علي بابا والأربعين حرامييعيش علي بابا فى فقر وحاجة وعوز بينما يمرح أخوه قاسم فى رغدٍ من العيش من تجارته النّاجحة ولا يأبه لحاجة أخيه، وكانت الجارية مرجانة هي اليد الحنون التى تربت على قلب على بابا. وفي يومٍ من الأيام خرج على بابا فى تجارةٍ طال طريقها حتّى أتاه اللّيل فاحتمى وراء صخرة فى الصحراء ليقضى ليله، فإذا به يرى جماعةً من اللّصوص يقدمون على مغارة فى الجبل يفتحونها عن طريق ترديد عبارة: "افتح يا سمسم" فينشق الجبل عنها ثم يدخلون، وانتظر على بابا مراقباً ما سيحصل من مخبأه حتى خرجت جماعة اللّصوص ليتقدّم إلى المغارة ويفتحها بكلمتها السّرية "افتح يا سمسم"، دخل إليها ليجدها مملوءة بالذّهب الذي جمعه اللّصوص من سرقاتهم المختلفة، فجمع ما قوي على حمله ثم عاد إلى بيته لينقلب الحال به إلى رخاء. وفي اليوم التّالي أرسل مرجانة لتستعير مكيالاً من أخيه قاسم، عندها، شكّت زوجة قاسم فى أمر على بابا لأنّه لايملك ما يكيل فلم يحتاج المكيال؟ فقامت بدهن المكيال بالعسل حتى يلتصق بقايا ما يكيله وتعرف سرّ علي بابا بعدها؛ فإذا ما عاد إليها المكيال وجدت به عملةً نقديّةً، فدفعت قاسماً إلى مراقبة علي بابا حتى يكتشف سرّه، ولا يطول الأمر به ليعرف المغارة السّحرية، ويذهب إليها، إلا أن طَمَعه يجعله يكنز المال الذي لا يستطيع حمله، وظلّ في المغارة حتّى نزل المساء وعاد اللّصوص فوجدوه هناك، فألقو القبض عليه ووعدوه بإطلاق سراحه إذا كشف لهم كيف عرف سرّ مغارتهم، فأرشدهم إلى أخيه علي بابا، واتّفق قاسم وزعيم اللّصوص على التّنكر فى زيّ تجّارٍ يحملون الهدايا إلى على بابا، وهي عبارة عن أربعين قدرًا مملوءةً بالزّيت فاستضافهم علي بابا وأمر جواريه بإعداد الطّعام لكنّهم لم يجدن زيتًا، فأرادت إحداهنّ إلى قدر التّجار الأربعين لتكتشف الأربعين لصّاً المختبئين فيها، أخبرت مرجانة علي بابا بالأمر فأمرها بوضع حجرٍ على كلِّ قدرٍ فلا يستطيع اللّص الخروج منها، وحين أمر الزّعيم لصوصه بالخروج ولم يلبّي نداءه أحدٌ عرف أنّه تم اكشاف أمره، وعندما همَّ علي بابا بالفتك بهم ليجد أنّ من بينهم قاسم أخيه وهو الذي وشى به عندهم، استرضاه قاسم ليعفو علي بابا عنه، فصفح عن أخيه وعاد إلى مرجانة صاحبة الفضل عليه ليتزوجها ويعيشا سعيدين.
السّندباد البرّيوهي قصّة مُغنّاةٌ تصلح أن تُلحّن و تصبح أغنيةً:
في زمن الخليفة الرشيدِ في بغدادْ
كان يعيش السندباد البَرِّي
مهنتُه حَمّالْ
وهو فقير الحالْ
وذاتَ يوم في اشتداد الحرِّ
أنزل حملهُ
أمام قصر رائع كبيرْ
من أبدع القصور وراح ينظر الحمال في إعجابْ
وهْو أمام البابْ
مستلقياً في الظلِّ
متكئاً على مَتاع الحَمْلِ
حيث تهبُّ النسمةُ العليلة
وترقص المشاتل الظليلهْ
وتعبَقُ الزهورْ
بأطيب العطورْ
نام قليلاً ثم استيقظ المسكينْ
وقلبُهُ حزين لأنه فقيرْ
ليس لديه غيرُ كوخ بائسٍ
من طينْ
وفجأةً
ناداه صوت ناعم رقيقْ
تعال هيّا أيها الصديقْ فوجئَ من هذا الكلامِ
السندباد البري
إذْ كيف يدعوه الفتى
من دون أن يعرفهُ
وكيف يدعو صاحبُ القصرِ امرأً فقيرْ
ودخل الحمال ذاك القصرَ في خجلْ
وفتح العينين في عجبْ
لشجر الليمون والتفاحِ
والإجَّاص والعنبْ
أما عن الورودْ
فهي صنوف تأخذ العقولَ من كَثْرتها
وجودةِ التَّنْضيدْ
إنتشرت مساكباً على الجنبينْ
في وسط الساحة عينْ
تفجرّت بالماء ْ
في شكل نافورهْ
تكاد أنْ تطاولَ السماءْ
لكنها تعود منثورهْ
وسمع الحمال من بعيدْ
مغنياً .. وصوتَ عودْ
وقاده الفتى إلى إيوانْ
لم يَرَ قبلُ مثله إنسانْ
وكان مجلس الإيوان عامراً بالناسْ
فقطع الأنفاسْ
خشيةَ أن يكون قد أزعجَهم
لكنهم تصايحوا بهِ : تفضلْ
أتدري
أنت هنا في قصر السندباد البحري
ثم دنا البحريُّ قائلاً
هَلا هَلا بالضيففصرخ الحمالُ
أنت السندباد البحريأجابه ُ نعم نعم
وهل عجيب أمري
قال له الحمالُ
أنت سيدُ العجائبْوصانع الأحلام والغرائبْ
دعْني أُقبّلْ جبهتَكْ
وجُبَّتكْ
وضحك الجميعُ
ثم غنوا طربا
وأسمعوا من النكات العجبا
وأكلوا وشربوا
وبعد ذاك ذهبوا
وقد أقام السندباد البرِّي
ضيفاً عزيزاً
في رحاب السندباد البحري
ووعد الحمالَ أن يقصَّ عن سفراتِهِ
وما جرى له من خطرٍ
أَحْدقَ في حياتِهِ
وفي صباح الغدِ
كان الجمع حاشدا
والكل منصتونْ
ليعرفوا قصَّته المليئة الأحداثِ
بالأخطار والترحالِ
والعزمِ الذي يقوى ولا يلينْ
وهكذا عرفنا قصةً
تظل للأجيالِ
عن رجل حياتُهُ
من سير الأبطالِ
أثر القصّة على شخصيّة الطفليقول أحمد نجيب في تعريف الشّخصية: يمكن أن نعرِّف الشخصية ببساطة: إنّها مجموع الصفات الاجتماعية، والخلقية، والمزاجية، والعقلية، والجسمية التي يتميّز بها الشخص وتبدو بصورةٍ واضحةٍ متميّزة في علاقته مع الناس، وعلى هذا- التعريف- فإن الصفات الاجتماعية والخلقية كالتعاون والتعاطف والصدق والأمانة والصفات المزاجية، ونعني بها الصفات التي تميز انفعالات الفرد عن غيره من الناس كسرعة التّأثر في المواقف المختلفة، وعمق الأثر أو سطحيته وغلبة المرح أو الانقباض على حالته المزاجية والصّفات العقلية، كالتّفكير المُنظّم والملاحظة الدّقيقة وحضور البديهة والصّفات المُتعلّقة بصحّة الجسم ومظهره العام وخلوه من العاهات، وما إلى ذلك، تدخل في تكوين شخصية الفرد) (1).
وانطلاقاً من هذا المفهوم، فإنّ القصّة تلعب دوراً مُهماً في بناء شخصيّة الطفل وتنميتها ثقافياً وأدبياً ولغوياً وفكريّاً لما فيها من كمٍّ كبيرٍ من المعلومات الثّقافية الأساسيّة التي يحتاجها في تأسيس ثقافته وعلمه، ولأنّ الطفل بطبيعته يميل إلى التّسلية في التّعلم، تمّ تصنيف القصّة أفضل الوسائل التّعليمية التّرفيهية التي تساعد الطفل على التّعلم بسرعةٍ أكبر من الطّريقة التّقليدية او اعتماد الكتب العلمية الجامدة. والقصّة في المحيط الأسري تعمل على تقوية العلاقات بين الآباء والأبناء، وبين الأبناء أنفسهم على اختلاف أعمارهم، فتُنشئ روابط أُسريّة وتقوّي الصّلات بينهم. وعند مراقبة طفلٍ صغيرٍ، تراه يُقلّد من حوله ومن يُأثّر فيه و يُلبسه طابعه، إمّا تيمّناً بأحدٍ من أقربائه، أو أصدقائه، أو حتّى الشخصيّات الكرتونيّة التي يتابعها، الأمر الذي يلفت انتباهنا بأهميّة اختيار القدوة المناسبة للطّفل، ويُعدّ السّرد القصصي من أقرب الأساليب إلى قلب الطفل. (2)
صفات قصص الأطفال * الموضوعيّة: فيكون الكاتب حياديّاً صادقاً في سرد القصص، خاصّةً تلك التي تروي أحادثاً حقيقيةً، كالقصص التّاريخية أو تراجم السّابقين من الأعلام، فللصّدق دورٌ كبيرٌ في جذب الطفل وتقبّله للوقائع التّاريخية، ومناقشة الطّفل بما يُقرأ له أو يقرأه وحده، يساعده على تكوين معجماً لغويّاً خاصّاً به، ويتعّلم أساسيّات النّقاش والحوار من نعومة أظفاره، فينشأ عليها ويطوّرها في مراحله العمريّة المختلفة.يعتمد قصص الأطفال في العالم العربي غالباً على التّرجمة التي تكون حرفيّةً، والّتي تفقدها جوهرها والرّسالة التي تهدف إلى إيصالها، ولذلك، فإننا نجد أن أدب الأطفال العربي يفتقد إلى: (5)
لا تقتصر أهميّة قصص الأطفال على التّرفيه والتّعلم فقط، بل تُعنى بعدّة جوانب من شخصيّة الطّفل، نذكر منها: (6)
(1) أدب الطفولة علم وفن .أحمد نجيب ص 64
(2) بتصرّف عن مقالة القصة وأثرها في بناء شخصية أولادنا، خليصة بنت معطى الله فارس، .alukah.net
(3) بتصرّف عن مقالة صفات كتاب الطفل، قحطان بيرقدار، alukah.net
(4) بتصرّف عن ماقلة ما لم يُكتب في أدب الأطفال، د. وفاء إبراهيم السبيل، alukah.net
(5) بتصرّف عن مقالة نحو مشروع مجلة رائدة للأطفال، library.islamweb.net
(6) بتصرّف عن مقالة من وظائف أدب الأطفال، قحطان بيرقدار، alukah.net
المقالات المتعلقة بقصص اطفال قبل النوم