العمل الصَّالح الدِّين الإسلاميّ ليس مجرّد اعتقادٍ وتصديقٍ بالقلب والوجدان ونطقٍ باللِّسان؛ بل يلي مرحلة التَّصديق والاعتراف باللِّسان مرحلة العمل بالجوارح وهي اليد والرِّجل والأعضاء والحواس؛ بحيث يُطلق على هذا العمل إذا كان متماشيًا مع ما جاء في كتاب الله وسُنّة رسوله صلى الله عليه وسلم اسم العمل الصَّالح.
العمل الصَّالح هو كُلُّ قولٍ أو فعلٍ جاء الأمر بوجوبه أو نُدِب لفعله أو فعله النّبي صلى الله عليه وسلم؛ ولتمييز العمل الصَّالح عن غيره من الأعمال التي تشوبها البِدعة أو الشِّرك أو الرِّياء والمظاهر لا بُدّ من توافر شروطٍ ثلاثةٍ فيه، وهي:
- إعلان الإيمان بالله وحده لا شريك له، وأنّ محمَّدًا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله؛ فلا يُقبل العمل من المشرك حتّى لو كان عمله صائبًا متوافقًا مع التَّعاليم الرَّبانيّة.
- الإخلاص؛ فينبغي أنْ يكون العمل الصَّادر عن المسلم خالصًا مُخلصًا لوجه الله تعالى، لا يقصد به شيئًا من عَرَض الدُّنيا أو من مصالحها ومنافعها.
- متابعة النَّبي صلى الله عليه وسلم في العمل؛ وذلك بأنْ يكون العمل وِفق ما جاء به رسول الله قولًا وفعلًا واعتقادًا، ومن عَمِل عَمَلًا خارج نِطاق ما جاء به رسول الله؛ فهو بدعةٌ مردودةٌ على فاعلها.
فوائد المداومة على العمل الصَّالح شجّع النَّبي صلى الله عليه وسلم المسلمين على فِعل الأعمال الصَّالحة وجعل من نفسه قدوةً لهم في ذلك، وجعل البركة والخير في العمل الصَّالح القليل الذي يداوم عليه صاحبه أفضل من العمل الصَّالح الكثير الذي لا يداوم عليه صاحبه، ومن الأعمال الصَّالحة التي يُستحب للمسلم المداومة عليها كلُّ ما جاء عن النَّبي صلى الله عليه وسلم من السُّنن المؤكدة في الصَّلاة والعبادات كسُنَّة الفجر، والشَّفع والوَتر، والتَّراويح، وسجود التِّلاوة، وصلاة الضُّحى، وتحيّة المسجد، وركعتي ما بعد الوضوء، والصَّدقات، والاستغفار، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنكر، وغيرها الكثير.
ومن الفوائد التي يجنيها كلُّ من وفقه الله للعمل الصَّالح ما يلي:
- حصول الرِّضا من الله تعالى لاقتداء المسلم بسُنّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم المبعوث من قِبل الله.
- المداومة على فِعل العمل الصَّالح تعني دوام الصِّلة بالله تعالى؛ فالله يُحبُّ العبد الذي يديم الصِّلة به في اللَّيل والنَّهار.
- جبر ما يحدّث في العبادات المفروضة من النَّقص والخلل والتَّقصير.
- دفع البلاء والرَّزايا عن العبد؛ فصنائع المعروف تقي مصارع السُّوء يستشعرها كُلُّ من جعل جزءًا من حياته للإحسان إلى النَّاس ومساعدتهم ولمن داوم على العمل التَّطوعيّ غير منتظرٍ لجزاءٍ أو شُكرٍ.
- تعويد النَّفس على فِعل الخير والمعروف، وتهذيبها وإزالة حُبّ الدُّنيا وغرور العبد بها من نفسه.
- العمل الصَّالح سببٌ في النَّجاة في الدُّنيا والآخرة، ولقد لمسنا ذلك جليًّا في سورة الكهف عندما قام الخضر عليه السَّلام بإعادة بناء الجدار لليتيميْن؛ فعندما سأله موسى عليه السَّلام: لما فعلت ذلك؟ قال: كان أبوهما صالحًا أي مداومًا على الأعمال الصَّالحة؛ فرُدّ له عمله الصَّالح بحماية ذُريّته بإرسال نبيٍّ ورسولٍ لمساعدتهما.