إنّ لكلِّ شعبٍ مِنْ شعوب العالم تراثٌ فكريٌّ خاص به، ويعتبرُ من العوامل الرئيسيّة التي تتميّزُ بها جميعُ الأُمم عن بعضها بعضاً، حيثُ تختلفُ طبيعة الثّقافة وخصائصها مِنْ مُجتمعٍ لمُجتمعٍ آخر، وذلك للارتباطِ الوثيق الذي يربطُ بين واقع الأمة، وتُراثها الفكريّ والحضاريّ، كما أنّ الثّقافةَ تنمو مع النّمو الحضاريّ للأُمم، ولكنها قد تتراجع مع مرور الوقت؛ بسبب عدم الاهتمام الكافيّ بها ممّا يُؤدّي إلى غيابِ الهوية الثقافيّة الخاصة بالعديدِ من الشّعوب.
تعبرُ الثّقافة عموماً عن الخصائص الحضاريّة والفكريّة التي تتميّز بها أمّة ما، فمن هنا يُلاحَظ بأنّ جميعَ الثّقافات المُختلفة تلتقي مع بعضها البعض في كثيرٍ من الأمور الرئيسيّة، فإنّ الاختلافَ بين الثّقافات قد يُؤدّي في النّهايةِ إلى تحفيزِ اللّقاء بينها، عن طريق تعزيز دور النّقاط الثقافيّة المُشتركة بين الشّعوب التي تتفاعلُ مع بعضها، فيؤدّي هذا التّفاعلُ إلى ظهورِ تأثيراتٍ جُزئيّة أو كليّة في طبيعة هذه الثّقافات وفي خصائصها.
إنّ الثقافةَ نموٌ معرفيٌّ تراكميّ على المدى الطّويل؛ بمعنى أنّها ليست عُلوماً أو مَعارفَ جاهزة يُمكن للمجتمع أنْ يحصلَ عليها ويستوعبها ويفهمها في زمنٍ قصير، وإنّما تتراكمُ الثّقافةُ عبر مراحلَ طويلةٍ من الزّمن حتى تنتقلَ من جيلٍ إلى جيل، فثقافةُ المُجتمع تنتقلُ إلى أفرادِهِ الجُدد عبر التّنشئة الاجتماعيّة، حيثُ يكتسبُ الأطفال خلال مراحل نموّهم العديد من المعلومات الثقافيّة.
تعريف الثقافةتُستخدمُ العديدُ من التّعريفات العامة للثّقافة؛ إذ تُعرفُ لُغةً بأنّها كلمةٌ مُشتقةٌ من الجذرِ الثلاثيّ (ثَقَفَ)، فيقالُ: ثقافُ الرّماح بمعنى تسويتها وتقويم اعوجاجها، وأيضاً تُستخدمُ مع تثقيفِ العقل ومن معانيها ما يفيدُ الحذق والفطنة والذّكاء، يُقال ثقُفَ الشّيء أيّ عَرفهُ وحذقهُ ومهر فيه، والثّقيفُ هو الفطينُ، وثَقفَ الكلام أيّ فَهمَهُ بِسرعةٍ، ويوصفُ الرّجل الذكيّ بأنّه ثَقِف.[١]
أما اصطلاحاً فتوجدُ العديدُ من التّعريفات للثّقافةِ ومنها: هي مجموعةٌ من العقائد والقيم والقواعد التي يقبلها أفرادُ المجتمع، وأيضاً تُعرفُ الثّقافةُ بأنّها المعارف والمعاني التي تفهمها جماعةٌ من النّاس، وتربطُ بينهم من خلال وجود نُظُمٍ مًشتركة، وتساهمُ في المُحافظةِ على الأُسسِ الصّحيحة للقواعد الثقافيّة، ومن التّعريفات الاصطلاحيّة الأُخرى للثّقافة هي وسيلةٌ تعملُ على الجمعِ بين الأفراد عن طريق مجموعةٍ من العوامل السياسيّة، والاجتماعيّة، والفكريّة، والمعرفيّة، وغيرها من العوامل الأخرى.[٢]
خصائص الثّقافةتوجدُ العديدُ من الخصائص التي تتميّزُ بها الثّقافة وهي:[٣]
لقد ارتبطتْ الثّقافةُ بالحضارةِ الإنسانيّة ارتباطاً وثيقاً يظهرُ في العديدِ من جوانب الحياة، ومنها:[٤]
تتأثرُ الثّقافةُ عموماً بمجموعةٍ من التغيُّرات، وهي:[٣]
تعتمدُ الثّقافةُ على مجموعةٍ من المصادر المُهمّة، منها:[٥]
تعدُّ الثّقافة مِنْ أحدِ أركان الحضارة؛ إذ تُشكّلُ الرُّكن المعنويّ فيها، وتشملُ كافّة الجوانب غير الماديّة والمُتمثّلة بالعقيدةِ، والقيم، والأفكار، والعادات والتّقاليد، والأعراف، والأخلاق، والأذواق، واللّغة وغيرها من الجوانب الأُخرى التي تختصّ بها أمّةٌ مُعيّنة عن غيرها مِنَ الأُمم، وتظلُّ الثّقافةُ على الدّوامِ تمدّ شخصيّة كُلِّ أُمّةٍ بما يُميّزها، ويمنحها في الوقت نفسه القوّة والبقاء والاستمراريّة.
أما الجوانب الماديّة للثّقافة هي كلّ شيءٍ يُساهمُ في بناءِ الحضارة، كالمبانيّ، والمُنشآت الصناعيّة والتجاريّة، ووسائل النّقل والمُواصلات، والمنازل، وغيرها من الأشياء الأُخرى التي يستعملها الإنسان في حياته؛ كما أنّ الثّقافةَ تتميّزُ بالعُموميّة؛ فهي ملكٌ لجميعِ البشر، لذلك تُشكّلُ الثّقافة روح الحضارة، بينما تُشكّل الجوانب الماديّة لها مادتها الطبيعيّة.
توجدُ مجموعةٌ من التغيّرات التي تُساهمُ في التّأثير على مبنى الثّقافة؛ كالتأثر بالثّقافات الأُخرى، والاعتماد على الاختراعات الجديدة كوسيلةٍ تُضيفُ إلى الثّقافة البشريّة العديد من المفاهيم الجديدة، ممّا يُؤدّي إلى تحقيقِ التطوّر الثقافيّ الذي تسعى كافّةُ الأمم للوصول إليه، وأيضاً تظهرُ الثّقافةُ بالاعتمادِ على مصادرَ تُساهمُ في نشر أفكارها بين النّاس، وتُعتبرُ اللّغة من أهمّ هذه المصادر، ومن ثمّ الفكر البشريّ الذي يعملُ على تثبيت قواعد الثّقافة بشكلٍ صحيح.
المراجعالمقالات المتعلقة بتعريف الثقافة