تحليل قصة قصيرة
القصة القصيرة هي لون أدبي ظهر في أواخر القرن التاسع عشر وكان الأنسب في التعبير عن تفاعلات الحياة اليومية ، فالقصة القصيرة كومضة ، تعبر عن فعل إنساني ، أو موقف من الحياة.
لقد بدأ هذا الفن وتطور على يد العظماء جوجول، إدجار آلان بو وأنطون تشيكوف ،موباسان ،و زولا . كما أثرى هذا الفن الأدبي الرائع كتاباً عبر عن مقامات الأدب العربي مثل نجيب محفوظ ، يوسف إدريس ، يحى حقي ، حنا مينا ، أحمد المديني، أحمد بوزفور، محمد إبراهيم بوعلو ، زكريا تامر ، يحيي الطاهر عبد الله ، محمد حافظ رجب ،وغيرهم كثيرون ممن أثروا الإبداع العربي بهذا اللون من الإبداع .
تعتبر القصة في العصر الحديث خير وسيلةٍ للتعبير عن مجموعةٍ من التفاعلات والقضايا المطروحة في المجتمع، والقصة لغة الحديث والخبر، واصطلاحاً فنّ أدبيّ يهيمن عليه الخطاب السردي، ويتميز بوحدة الموضوع والإنطباع والتركيز والتكثيف.
وقد انتشرت بإنتشار الصحف في عصرنا وأغرت الشباب والمتأدّبين بكتابتها مع أنها من أصعب الأنواع الأدبية وأحوجها إلى الخبرة والثقافة والدقة والتركيز... ومن أبرز روادها الغربيين موباسان وتشيخوف. أما العرب عبد الكريم غلاب، ومحمود تيمور، وصاحب هذه القصة القاص المغربي محمد مباركي، أستاذ مادة الإجتماعيات في ثانوية إسلي التأهيلية بوجدة، ومن أعماله السردية المجموعة القصصية "وطن الخبز الأسود"، ورواية "جدار".
فإلى أي حدٍ عكس النص العناصر الأساسية للفن القصصي؟ وما الوسائل الفنية التي إعتمدها الكاتب في القصة ؟ وما مدى حضور الإتجاه الواقعي فيها انطلاقاً من المشيرات الدالة، يتضح لنا أن النص إجتماعي، فالعنوان يشير إلى طفلةٍ اسمها نور، ولا بد أنها موجودةً في المجتمع. ثم البداية التي تشير إلى وجود مراسم الدفن وشدة معاناة شخص لفقدانه رفيقة العمر.
أما النهاية فتشير إلى إستسلام هذا الشخص للقضاء والقدر وإتخاذه الطفلة نور عزاءً له، لأنها تحمل كل مواصفات الفقيدة. ومن هنا فجميع المؤشرات توضح أن النص ذو طابعٍ إجتماعي و يندرج ضمن فن القصة القصيرة.
تجسد هذه القصة حركية النثر العربي المعاصر وتمثل خصائص الفن القصصي وسماته، وأوّلها يتجلى في المتن الحكائي، حيث إستهل الكاتب قصته بإبراز معاناة شخصٍ على فقدان رفيقة العمر، حيث يشير إلى مراسم الدفن وإلى أجواء التعازي والحزن التي تغلب على القصة و بكاء البطل بحرقةٍ حتى صار بكاؤه عويلاً سمعه كل الناس، لكنه رغم هذا رضي بقضاء الله وقدره ثم عاد إلى المنزل وبدأ يسترجع معاناة الفقيدة التى كانت مصابةً بمرضٍ خبيث، حيث لم تنفع معها الأدوية المحلية ولا المستوردة، لأن المرض كان أقوى لم تستطع هَزْمَه، رغم رحلتها الطويلة إلى المستشفيات العامة والخاصة.
حتى العاملون بهذه المستشفيات هم شياطين القسوة إلا قليل منهم، ورغم محاولة الأهل والأبناء التخفيف عنه لكن أيامه أصبحت ظلمةً حالكةً، تساوى فيها النهار مع الليل، ليجد في االنهاية عزائه الوحيد في الطفلة "نور" التي تحمل كل مواصفات الفقيدة.
أما النموذج العملي فقد زاوج الكاتب بين القوى الفاعلة المتكونة من الشخصيات بدايةً من الأب الذي فقد زوجته، وأبرز سماته في النص: حزيناً وكئيباً ومتحسراً على فقدان زوجته.
والطفلة نور: التي تجسد الأمل والنور، وهما العزاء الوحيد للأب.
ثم العاملون بالمشفى: شياطين القسوة.
والفقيدة: و من سماتها المعاناة من المرض ، والخشوع والخضوع لله، والإستسلام للموت .
ثم الأخت والأبناء: الذين يسعون إلى التخفيف عن الأب.
ثم القوى الطبيعية مثل السماء المُلبّدة بالغيوم، والظلمة الحالكة، والصخر… كما نجد بعض الأحاسيس كالحزن، والكآبة، والحقد، والحسرة، والحب، والأمل.إضافة إلى بعض القيم والأنساق الفكرية المتمثلة في الأمل و الرضى بقضاء الله وقدره خاصّة.
المقالات المتعلقة بتحليل قصة قصيرة