تخيل أن تجلس بقاعة لتتعلم من خلال شاشة ناطقة تشرح لك الدرس، وتوضح لك البيانات والأمثلة بطريقة عرض شيقة وسحرية، فتجذب انتباهك وتحبب إلى قلبك العلم، وتصير شغوفاً به، وتسودك رغبة بالحصول على المزيد من العرفة.
إن هذا هو ما تسعى إليه الأمم، بعد عصر "السبورة والطبشورة"، إذ تطورت التكنولوجيا وأصبح التعليم المحوسب باستخدام الحاسوب أمراً ضرورياً لسير العملية التعليمية، مع استخدام تقنيات العرض المتوفرة؛ مما يسهل على الطلبة فهم الدروس ومختلف المناهج.
لهذا تخصص بعض الحكومات ميزانية مالية ضخمة، لتحقيق الهدف المرجو من تطوير عملية التعليم، فاليابان أكثر دول العالم تقدماً اعتمدت استراتيجية تعليمة تقوم على التدريب والتفكير بدلاً من النقل والحفظ، كما أتاحت لطلبتها فرص التجريب وصولاً لتعليم صحيح، ووفرت لهم المختبرات اللازمة لذلك، ونوعت آلية تلقي التعليم، فهناك التعليم طول الوقت، وهناك التعليم بوقت جزئي، وتعليم عن بعد أو بالمراسلة، كما خصصت التعليم الإجباري للمرحلة الابتدائية فكل أب وأم يروا بأنهم ملزمون بإرسال أبنائهم إلى المدرسة وفق القانون، كما تساعد الدولة الطلاب الذين يرغبون بإكمال دراساتهم في مجال معين يرغبون به، لكنهم لا يملكون المال.
وتغلبت اليابان على الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وبريطانيا، في نسبة الطلاب المتفوقون في العلوم والرياضيات، ويعرف الطالب الياباني الذي يبلغ الرابعة عشر من عمره ما يعرفه الطالب الأمريكي البالغ ثمانية عشر من عمره.
واعتبرت اليابان الإنسان مورد بشري يجب تنميته واستغلاله وانباته في بيئة حسنة، لهذا خصصت جزء كبير من ميزانية الدولة لقطاع التعليم، في الوقت الذي لم تشجعها فيه دول أخرى، لكنها حصدت عقول يانعة؛ فأظهرت اقتصاد قوي وصناعة عالمية، وأصبحت تقود العالم باختراعاتها المتتالية.
أما في الوطن العربي فإن عملية تطوير التعليم في بدايتها، حيث تخصص الدول العربية معظم ميزانياتها للعتاد الحربي والسلاح والجيوش، دون إعطاء جانب التعليم حقه، وغالباً يخرج مواطنو الدول العربية لطلب العلم من الدول الأجنبية، وذلك لتوافر احتياجاتهم المعرفية خارج إطار دولتهم الأصلي.
وتشكوا البنية التعليمية في الوطن العربي من ازدياد عدد الطلاب وقلة الأماكن الدراسية، وفوضى المناهج الدراسية، وأحياناً صعوبتها وعدم ملاءمتها للتدريس، وعدم الاهتمام بتطوير وتنمية الكادر التدريسي، مما يثقل كاهل العملية التعليمية.
أما البحث العلمي في الدول العربية ضعيف، ولا يوجد له قيادة أو احتضان ولا تمويل ولا ميزانية محددة، وضعف روح التعاون بين الباحث والمراكز البحثية، وعدم استمرارية التراكم المعرفي، وانعدام الصلة بين الباحث وثقافة المجتمع.
وكما لا يوجد اهتمام بعملية الإبداع والمبدعين، حيث يقتصر التعليم على الطابع التقليدي، دون وجود الكثير من الأنشطة اللامنهجية، وإن وجدت فهي قليلة جداً لا تكاد تذكر بالنسبة لدول غربية أخرى.
ويبقى الأسلوب التعليمي هو أساس سير العملية التعليمية سواء كان متطور والكتروني، أو تقليدي قاصر، ويأمل الكثير من طلبة العلم بالحصول عليه بطريقة حديثة ومتطورة وجذابة.
المقالات المتعلقة ببحث عن تطوير التعليم