الأدب العربي من أكثر الأداب تَميُّزاً ويمتدّ لفترة زمنيّةٍ طويلةٍ جدّاً؛ فهو يبدأ من قبل ظهور الإسلام. يمتاز الأدب العربيّ بكثير من الخصائص الفنيّة، ووفرة المُؤلّفات في شتّى المجالات، وقد اتّفق المُؤرّخون على تقسيمه إلى خمسة أقسام حسب الفترة الزمنيّة، وهي كالآتي:[١]
الأدب الجاهليّ هو الأدب الذي يُنسب للعرب الذين عاشوا في شبه الجزيرة العربيّة قبل ظهور الإسلام، والأدب هو تعبير الشّخص عن شعور عاطفيّ بشكل بليغ لإثارة القارىء والمُستَمع، وكان عدد الأدباء الجاهليّين كثيراً؛ نتيجة لوجود عدد كبير من القبائل في الجزيرة العربيّة وتفاخرها بأُدبائها بشكل كبير، لذا يوجد الكثير من المُؤلَّفات والنّتاجات الأدبيّة لهم.[٢]
تاريخ الشّعر الجاهليّيُعرَف الشّعر بأنّه كلام موزون مُقفَّى، أي له قافيةٌ تنتهي بها أبيات القصائد الشعريّة، وتاريخ الشّعر الجاهليّ له تاريخ مُوغِل في القِدَم، ولا يمكن مَعرفة من هو الشّخص الذي نظم أوّل أبيات شعريّةٍ في التّاريخ لعدم وجود مصادرَ تُوثّق هذه الحادثة، إلا أنّ هنالك مُؤشّرات تقول بأنّ من مَهّد الطّريق وبدأ نظم الشّعر في العصر الجاهليّ هو امرؤ القيس[٣] عندما نظم بيتاً قال فيه:
عوُجا على الطَّلل المحيلِ لأنّنا
نبكي الديارَ كما بكى ابن خذامِ.يمتاز الشّعر الجاهليذ بأنّه شعرٌ غنائيٌّ يُصوّر اهتمام الشّخص بتصوير شخصيّته، ونفسيّته، ومشاعره من حب وغصب وحسد وقوّة، ولا يحتوي الشّعر الجاهليّ على سرد قصصيّ أو تمثيليّ في طيّاته؛ بسبب بعض العوامل المُحيطة بالشُّعراء في ذلك الزّمن، ومنها: الطّبيعة البحتة المُحيطة بهم، والتعصُّب للقبيلة، وكثرة الحروب، والتّفاخر الكبير ببلاغة الشّعر الذي يُقال في حقّهم أو في حقّ قبائلهم.[٤]
الخصائص الفنية للشّعر الجاهليّيتميّز الشّعر الجاهليّ بخصائصة وأغراضه الفنيّة؛ فهو يحتوي على الكثير من الصّفات والخصائص بسبب بلاغته ودقّة الوصف، وجمال المعاني والكلمات وعمقها، ومن خصائصه:
خصائص الشعّر الجاهليّ اللفظيّةتخلو الأشعار الجاهليّة من الكلمات والعبارات العجميّة الغريبة عن اللّغة العربيّة المتداولة، والشّعر الجاهليّ صياغته واضحةً، وعباراته غير ناقصة أو يوجد بها عجز، فممن المُمكن أن يقضي الشّاعر أعواماً لنظم قصيدةٍ واحدةٍ حتّى تظهر بشكلٍ راقٍ كأغلب الأشعار الجاهليّة التي تتّصف بأعلى درجات الرّقي والإتقان اللفظيّ والصّيغة الرّائعة.[٥]
كان الشّعراء الجاهليون بارعون في تجزئةٍ الأوزان ليصنعوا شعراً يحمل الكثير من العذوبة واللّحن الموسيقيّ، واستعانو بالكثير من المُحسّنات اللفظيّة والمَعنويّة في أشعارهم، فكانوا في شِعرهم لا يصفون شيئاً إلا وقاموا بربطه بما يُماثله ويُشابهه، وأيضاً استخدموا الاستعارات المَكنيّة والتصريحيّة، وأضافوا الكثير من الجناس والطّباق إلى قصائدهم، وكان الشّاعر يَعرض شعره على أفرادٍ من قبيلته حتّى يتمكّن من معرفةِ ما ينقصه ويقوم بتعديله، فتكون القصائد مُطولةً استغرقت أعواماً حتّى انتظمت، مثل حوليّات زهير بن أبي سُلمى.[٦]
خصائص الشّعر الجاهليّ المعنويّالشعر الجاهليّ غالباً ما يكون خالياً من المُبالغة والتّعقيد، ويمتاز بوضوح المَعاني وبساطتها وعدم التكلّف، ويعتمد على وحدة بيت الشّعر وليس وحدة قصيدة الشّعر كاملةً، كما انتزعت من الطّبيعة والبيئة البدويّة التي كان يعيشها الشّعراء الجاهليّين في تلك الحقبة الزمنيّة. اشتهر الشّعراء في العصر الجاهليّ بوصفهم حياتهم، وشخصيّاتهم، وطباعهم بشكل واضح ودقيق وصادق؛ فمن يُريد أن يتعرّف على حياة شاعرٍ من الجاهليّة فعليه أولاً أن يقوم بقراءة أشعاره ليعرف تفاصيل حياته بشكل كبير، فلا عجب أن تحتوي القصائد الجاهليّة على وصف شجاعة الأعداء ومناقبهم في الحرب، والاعتراف بهزيمة قوم صاحب القصيدة، وهذه القصائد تعرف بالمُنصِفات.
يتّصف الشّعر الجاهليّ بالحسيّة العالية المُستمدَّة من الواقع الحسيّ المُحيط بالشّعراء في ذلك العصر، لذا كانوا يصفون الأشياء والحوادث بشكل صادق وصريح جدّاً، وكانت أشعارهم تغلُب عليها الحركة والكثير من الحيويّة، وأغلب القصائد تكون مُحتويةً على الكثير من الأفكار والمعاني والمواضيع، فكل بيت في القصيدة يكون مُلمّاً بنفسه فقط.[٧]
فنون الشّعر الجاهليّيمتاز الشّعر الجاهليّ بكثرة فنونه وأغراضه، وعادةً ما تضمّ القصيدة نوعاً أو أكثر من الفنون ضمن أبياتها، ومن أشهر هذه الفنون عند الشّعراء الجاهليّين:[٨]
كانت القصيدة الجاهليّة عادةً ما يبدأ مَطلعها بشكل يُمهّد لما يأتي ذكره بعد ذلك في باقي أبيات القصيدة، وكانت أكثر افتتاحيّات القصائد الجاهليّة عادةً تدور حول غياب الحبيبة وأثره على نفس الشّاعر، والبكاء على الأطلال، وذكر الخمر، والشّباب والشّيب، وصفات الحبيبة وجمالها. تتميّز القصائد الجاهليّة بعرض الأفكار بشكل تسلسليّ ومنطقيّ؛ فكل بيت ترتبط فكرته ومضمونه بالبيت الذي سبقه، سواءً بشكل ظاهر أو مَخفٍ بالنّسبة للقارئ.[٩]
أشهر شعراء الجاهليّةيُعتبر شعراء الجاهليّة هم القدوة والأصل في نظم الشّعر لما تميّزوا به من بلاغةٍ وفصاحةٍ وروعة في نظم أبيات الشّعر في قصائدَ لن تنسى أبداً، ومن أشهرهم:[١٠]
المقالات المتعلقة بالخصائص الفنية للشعر الجاهلي