العدة في الإسلام هي المُدّة الزّمنية التي تقضيها المرأة عندما يموت عنها زوجها أو يطلِّقها بينونةً كبرى، فلا يجوز لها الزّواج خلال هذه الفترة من رجلٍ آخر، كما يجب أنْ تلتزم ببعضِ الشروط خلالها، وقد حدد الله تعالى مدةَ هذه العدّة للأرملة بأربعةِ أشهرٍ وعشراً. قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير) سورة البقرة:{234}، بينما عدة المرأة المطلقة طلاقاً بائناً بينونةً كبرى ثلاثة أشهر.
الحكمة من شرع أمرٍ في الإسلاماتّجه العلماء لتحديدِ الحكمة من أيّ أمرٍ مشروعٍ في الدّين الإسلامي إلى اتجاهين، فإمّا أنْ تَكون الحكمة من شرع أمرٍ ما مرافقٌ لهذا الأمر في الكتاب أو السنة، مثل قول الله تعالى في سورة البقرة ( وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ){143} ومن هنا يتضح بأنّ الحكمة من تحويل القبلة التي يصلي إليها المسلمون من المسجد الأقصى إلى الكعبة في المسجد الحرام لمعرفة من يُطيع أمرَ الله تعالى ورسوله ومن ينقلب عن ذلك.
هذا أيضاً كما في قوله عز وجل في سورة النساء (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً){165} فجاءت الحكمة مرافقةً للأمر.
هناك الاتجاه الآخر الذي يَستخرج فيه العالِم المسلم الحِكمة عن طريق الاستنباط والاجتهاد، وهنا يُمكن أنْ يكون هذا الاستنباط خاطئاً أو صواباً؛ فعقل الإنسان لا يُمكن أنْ يُلِمَّ بكل ما أوجده الله تعالى في هذا الكون، لذلك لا بد للعبد المسلم من التّسليم إلى أوامر الله تعالى ورسوله الكريم محمد - صلى الله عليه وسلّم - لأنه عز وجل له الحكمة من كل شيءٍ فرضه عليه.
الحكمة من العدّةالحكمة من فرض العدة على المرأة الأرملة أو المطلقة هو حفظُ الأعراض والأنساب؛ فمن خلال فترة العدة يتبيّن إن كانت حاملاً أم لا، فعندما تكون حاملاً تكون عدتها حتى تضع حملها من أجل نسب الولد لأبيه، فلو لم تكن هناك عدة وكانت المرأة حاملاً من دون أنْ تعلم ومن ثمّ تزوجت رجلاً آخر لَنُسِب الولد إلى غير أبيه ولعمّت الفوضى في الحياة.
اجتهد العلماء في تفسير سبب زيادة مدة العدة للمرأة الأرملة على المرأة المطلقة، والسبب هو حق الزّوج الميت في التأكد من براءة الرّحم، ولعدم وجوده ليدافع هو عن حقه ويصونه، بينما في حال المرأة المطلقة يكون صاحب هذا الحق موجود وله القدرة على الدّفاع عن حقه، والله تعالى أعلم.
المقالات المتعلقة بالحكمة من العدة