جمهوريّة مقدونيا دولةٌ أوروبيّة تقعُ في الجنوبِ الشرقيّ مِنْ قارةِ أوروبا ضمن شبهِ جزيرة البلقان وعاصمتها مدينة سكوبي، تصلُ مساحتها الجغرافيّة إلى 25713 كم²، ويتكلمُ سكّانها اللغتين المقدونيّة والألبانيّة، أمّا التّصنيف العرقيُّ للسكّانِ فهو يشملُ مَزيجاً مِن المقدونيين، والألبان، والأتراك، والبيزنطيين. تتبعُ جمهوريّة مقدونيا في نظامِها الجُمهوريّ بسُلطةٍ تشريعيّةٍ للبرلمان وسلطةٍ تنفيذيّة للحكومة.
تعتبرُ جمهوريّةُ مقدونيا واحدةً مِنْ بين أكثر دولِ أوروبا تعقيداً؛ بسبب العديد مِنَ الصُّعوبات الكثيرة التي واجهتها؛ كتحديدِ حُدودها، وطبيعة انتمائها، وهويتها، وفي العقودِ الثلاثة الأخيرة وتحديداً في عام 1991م بدأتْ ملامحُ استقلالِ مقدونيا تظهر خاصة بعد سقوط الدّولة اليوغوسلافيّة آخر الدّول التي احتلّتها وسيطرت عليها، قبل أن تنال مقدونيا استقلالها الحقيقيّ في نيسان (أبريل) من عام 1993م.[١]
التّضاريس الجغرافيّةتشغلُ جمهوريّة مقدونيا موقعاً استراتيجيّاً للغايةِ بإحداثياتها الجغرافيّة التي تأخذ 50 -41 درجةٍ إلى الشّمال، و22 درجةٍ إلى الشّرق، حيثُ تحدُّها جمهوريّة كوسوفو من الشّمال الغربيّ، وجمهوريّة صربيا مِنَ الشّمال، وتحدُّها مِنَ الشّرق جمهوريّة بُلغاريا، واليونان مِنَ الجنوب، أمّا غربها تقعُ جمهوريّة ألبانيا.[٢]
تحتوي مقدونيا على أعلى القممِ وأجمل الجبال، وأعمقِ البُحيرات، والكهوف المُميّزة، وأيضاً تحتوي على مجموعةٍ من الغابات الكثيفة والأشجار المتنوعة،[٣] كما أنّ للأماكنِ الطبيعيّة فيها نصيبٌ كبيرٌ مِن أراضيها، وتتمثّلُ في غاباتِ جبال البيندوس، وغابات البلقان، وغابات جبال الرّودوب الشّاسعة، ومنطقة بحر إيجة. تشكّلُ منطقتها حلقة الوصل بين أوروبا الغربيّة والوسطى حتّى أوروبا الجنوبيّة بعملها كممرِّ نقلٍ رئيسيّ بين هذه المناطق.[٤]
التّركيبة السكانيّةسكنَ العرقُ التّراقي قديماً مقدونيا والذي سميَّ شعب البايونيناس بالإضافةِ إلى قبيلة مولوسيان، وغيرهم من الشعوب التي عاشتْ على الأراضيّ المقدونيّة منذُ القِدم؛ حيثُ إنّ مقدونيا كانتْ واقعةً تحتَ السّيطرة الرومانيّة في بادئ الأمر، ثم قامتْ الإمبراطوريّةُ البيزنطيّة بالسّيطرةِ عليها، واستلمتْ السّيطرةَ بعدها الإمبراطوريّة البلغاريّة التي ساعدت على انتشار الدّيانة المسيحيّة والمسيحيين فيها، ومِنَ ثم عادتْ مقدونيا تحت إمرة البيزنطيّين، ثم إلى البلغاريّين، وبقيتْ على هذا المنوال حتّى احتلها الصِّرب، وقد ساعدتْ المُدّة الطّويلة التي بقيتْ فيها الإمبراطوريّة العُثمانيّة في مقدونيا إلى انتشارِ الإسلام والمسلميّن فيها.[١]
نبذة تاريخيّةجمهوريّةُ مقدونيا هي عقدةُ الوصل ما بين دولِ شبِهِ جزيرة البلقان والتي تضمُ بالإضافةِ إليها كُلاً مِن اليونان، وبلغاريا، وكوسوفو، وألبانيا، وصربيا. تُعتبرُ التّحديات السياسيّة والاقتصاديّة والعلاقات مع دول الجوار وحروب الهيمنة والتّحالفات هي التي أدّت إلى تأسيس جمهوريّة مقدونيا بشكلِهِا الحالي، والتي عملتْ أيضاً على تآكلها واختصرتْ مِنْ مساحتها وحجمها بشكلٍ كبير؛ نتيجةً لأنظار الطّامعين لها، ومنحهم أنفسهم حقوقاً في استملاكِ أراضيها التي ظُلِمت كثيراً عبر تاريخها، ويمكنُ تلخيص الأحداث التاريخيّة التي مرّت بها مقدونيا وتوثيقها في التّاريخِ كما ذكر أهمّ مؤرّخي التّاريخ المُختصيّن في البحثِ في الشؤونِ التاريخيّة لدولِ البلقان كما يأتي:[٥]
التاريخ القديمتوجدُ العديد من الأحداثِ البارزة في تاريخِ مقدونيا القديم، وهي:[٦]
بعد خمسِ قرونٍ كاملة من الحُكمِ العثمانيّ والهَيمنة المُطلقة على منطقةِ البلقان بما فيها مقدونيا، ظهرتْ العديد من التطوّرات والأحداث ومِنْ أهمها:[٥]
تلت هذه التّواريخ خلافات على تسمية (جمهوريّة مقدونيا يوغسلافيا سابقاً) التي اعترضتْ عليها اليونان، ومن ثمّ ظهرتْ مُشكلة العلم الخاصّ بمقدونيا والذي اعترضتْ عليه اليونان، وانتهتْ تلك المشاكل بتوقيعِ عدّة اتّفاقيات في سبيلِ تسوية تلك الأزمات، وتمَّ اعترافُ ما يتجاوز عن 130 دولةٍ باستقلالِ مقدونيا وسيادتها، وانضمّتْ جمهوريّة مقدونيا لاحقاً إلى الاتّفاقيات والمُنظّمات العالميّة والأوروبيّة.[٦]
الاقتصادتمتلكُ مقدونيا كنزاً من الغاباتِ والأشجار التي تنمو فيها أنواعٌ مُتعدّدة من الثّمار، ومِنْ بين أهمّ الأشجار فيها شجرُ الصّنوبر، ولكثرةِ البُحيرات فإنّ سمكَ السّلمون وَحدَهُ يُمثّلُ كنزاً مِنْ كنوز الأنهار التّابعة لها، عدا عن اللؤلؤ والجواهر التي تكثر فيها،[٣] أمّا الكنزُ الأكبر الذي يبحثُ الجميع عنه في جمهوريّةِ مقدونيا فهو المعادن؛ فطبيعةُ مقدونيا الحجريّة والجبليّة، وتنوُّع المظاهر الطبيعيّة فيها ما بين وديانٍ، وجبالٍ، وبحيرات جعلها صاحبةَ أكبر مخزوناتِ العالم مِنَ المعادن الثّقيلة والمعادن النفيسة التي دعمتْ اقتصادها بالكثيرِ مِنَ القوة، وجعلتهُ يصمدُ أمام التّحديات الكثيرة التي فرضتها اليونان على مقدونيا بسبب استقلال عُملتها (الدينار المقدوني). يمثلُ جَمالُ الطبيعةَ الأهمّ في اقتصاد مقدونيا؛ إذ يُعتبرُ قطاع السّياحة الدّاعم الرئيسيّ للتنميّة الاقتصاديّة فيها؛ فإنّ مقدونيا تمتلكُ مِنَ المُقوماتِ الجُغرافيّة الجماليّة ما يكفيّ لأن تستقطب أعداداً هائلة بشكلٍ سنويّ من السّياح.[٣]
التعليم العاليّنظامُ التّعليم في مقدونيا يشبهُ الأنظمةِ التعليميّة لدى باقي دول العالم؛ فتحتوي على العديدِ من الجامعات التي تدرِّسُ مُختلف أنواع التخصّصات، سواءً العلميّة أو الإنسانيّة، والتي تنتشرُ في مُختلفِ مناطق مقدونيا، ومن أشهر جامعاتها:[٧]
وفقاً للتقسيم الإداريّ لمقدونيا تتكون من عشر مدن هي:[٨] سكوبي العاصمة، وبيتولا، وبريليب، وتيتوفو، وأوهريد، وفيليبس، وستيب، وغوستيفار، وكوكاني، وكومانوفو، وضمن هذه المدن توجدُ العديد من المعالم الحضاريّة والتاريخيّة المُهمّة؛ ومن أشهرها: قلعة صامويل فهي شاهدٌ على الحُكمِ البلغاريّ الأول لمقدونيا، ودير صوفيا الأثريّ الذي يُعتبرُ شاهداً على الحقبة الثّانية في عصر مقدونيا،[٩] ومن أهمّ ما يبرز السّحر الخفيّ لمقدونيا هو أنّها دولةٌ ليس لها حدود على البحار الكبرى، غير أنّها تمتلك ضمن حدود دولتها ما يتجاوز الخمسين بحيرة.
تمثلُ مدينة أوهريد أكثر المناطق جمالاً في مقدونيا، والتي تحتوي على أكبر التُحفِ الأثريّة ما بين البُحيرات، والمَتاحف، والكنائس، والجسور، والكهوف، الأمر الذي دفعَ منظمة اليونسكو لوضعِ المدينة بأكملها ضمن لائحة التّراث العالميّ، وتعتبرُ بحيرة أوهريد بقعةً من الجمال وصورةً مِنْ صُورِ إبداع الخالق في الكون؛ حيثُ تستقطب تلك البحيرة النّوادر من النّباتات والفريد من الحيوانات، وتكتنز في ثناياها أيضاً اللؤلؤ والجواهر، كما أنّ مياهها النقيّة أضافت الكثير من الرّوعة إليها، وجعلتها مَركز جذب سياحيّ.[١٠]
أمّا فيما يخصّ العاصمة سكوبي فهي الأكبر حجماً ما بين المُدن في مقدونيا، وتعدُّ مركزَ الثّقل السياسيّ، والتعليميّ، والاقتصاديّ، كما تتميّزُ بالهندسةِ المعماريّة والآثار الرّائعة ضمن معالمها الحضاريّة، ومن أبرزِ معالمها بحيرة فاردار وجسرها الحجريّ، والذي يصلُ مركز المدينة بالأحياءِ التراثيّة القديمة فيها، كما أنّ قناطر سكوبي والمدينة الحجريّة تعتبران من بين المناطق الأجمل في المدينة.[١١]
هناك أماكن تراثيّة وسياحيّة أُخرى يجبُ المرور بها عند زيارة جمهوريّة مقدونيا، ومنها: بحيرة ماروفو، ودير القديس بندلايمون، ومُتنزّه بيليستر الوطنيّ، ودير تريسافيك، وقلعة ماركو، وكهف فيرلو؛ وهو عبارةٌ عن كهفٍ ضمن نهر التّريسكا الذي يُعتبرُ الأعمق في العالم، الأمر الذي جعله يُصنّفُ على أنّه من بين عجائب الدّنيا السّبع.[١٢]
المراجعالمقالات المتعلقة بأين تقع مقدونيا