الكاتب المصريّ العربي نجيب محفوظ وُلد في القاهرة عام 1911، وترعرع في أرقى أحيائها القديمة التي كانت مصدر إلهامه في كتاباته الأدبيّة، درس علم الفلسفة ثم حوّل مساره إلى الأدب مُتأثراً بكتابات طه حسين والعقّاد، إلا أنّ طابع الفلسفة بقي يؤثر على بعض رواياته، ذاق طعم الشّهرة والنجاح بعد روايته الثلاثيّة الشهيرة: (قصر الشّوق، والسكريّة، وبين القصرين)، هذه الملحمة العظيمة فتحت له أبواب النّجاح على مصراعيه، عانقت روايات نجيب محفوظ العالم الغربيّ وتمّت ترجمة بعض رواياته إلى لغاتٍ أخرى. يُعد محفوظ عميد الأدب العربي، وأحد أهرامات الحضارة الأدبية الممتدّة على مدى آلاف السنين وحتى يومنا هذا، فقد جادت مصر على الأمّة العربيّة والعالم أجمع كعادتها بهذا الكاتب العظيم الفذّ الذي ليس كمثل قلمه قلم، وخياله خيال، وأسلوبه أسلوب، شكَّل نجيب محفوظ حالة أدبيّة فريدة من نوعها، فهو حاصل على أعلى جائزة أدبيّة عالمية وهي جائزة نوبل للآداب في العام1988م، واستطاع إثراء الأدب الروائيّ العربيّ بالعديد من المؤلَّفات الهامَّة، فحبر قلمه لم يجفّ يوماً، وأفكاره كانت تنهمر من عقله على الورق انهمار شلال ماءٍ عظيم.[١]
أهمّ روايات نجيب محفوظخُلِّدت أعمال هذا العملاق تلفزيونيّاً وسينمائيّاً، فالعديد من رواياته تحوَّلت إلى أعمال فنيّة نالت استحسان وقبول المشاهدين، كما أنّ الموضوعات التي كان يطرحها محفوظ كانت تصنَّف على أنَّها جدليَّة في بعض الأحيان، فقد لاقت أعماله جدلاً كبيراً في كافَّة الأوساط وعلى رأسها الأوساط الدينيّة. وفيما يأتي بعض الأعمال التي قام نجيب محفوظ بتأليفها:
حديث الصباح والمساءنُشرت هذه الراوية في العام 1987م، ونال محفوظ جائزة نوبل للآداب بعد تأليف هذه الرّواية، كتب محفوظ هذه الرّواية بشكل مُختلف عن باقي رواياته، فلم تتمّ تجزئتها إلى فصول، بل أدرجها أبجديّاً حسب أسماء أفراد عائلة النقشبنديّ التي تحدّث عنها، تُصنّف هذه الرّواية أنّها واقعيّة اجتماعيّة لا تدور حول أحداث وعقدة، بل هي رواية تناولت خمسة أجيال من المجتمع المصريّ، بدأت أحداث هذه الرّواية قبل الغزو الفرنسيّ على مصر بقليل، واستمرَّت أحداثها إلى التّاريخ الذي كُتبت ونُشرت فيه، تدور حول الشّعب المصري مُتعدّد الطّبقات، وتصف كيفيّة تعامل وتفاعل الشّعب المصري مع حُكّامهم والأنظمة المختلفة التي توالت عليهم بأساليب مختلفة، ممّا أدّى إلى تغيّر مبادئ وعادات وتقاليد الشّعب المصريّ. استعان محفوظ بوصف ذلك المُجتمع من خلال الشخصّيات المُختلفة التي وصفها بطريقة شيّقة، من خلال تعدّد وتنوّع الحكايات التي تصلح كل حكاية أن تكون رواية مُستقلة لكثرة الأحداث والتقلّبات التي تدفع القارئ للتفكير بأبطال الحكاية.
تطرّق محفوظ في الرّواية من خلال الاستعانة بالشخصيات العامة في الرّواية إلى وصف الثورة العربيّة وثورات أخرى، والاستعمار الإنجليزي، والحملة الفرنسيّة، وعهد جمال عبد الناصر، وعهد أنور السّادات، كما تحدث بألسن الشخصيّات وردود أفعالهم على بعض المظاهر الغريبة في المجتمع المصريّ: كالتعبّد عند الأضرحة، والتقرّب لأولياء الله الصالحين، وأمور الغيبيّات كالجنّ والشّعوذة. أشار محفوظ أيضاً في هذه الرّواية إلى أهمّيّة الرّوابط الأسرية الثّابتة ووصف كيف تغيّرت عبر السنين. وتناول مواضيع مُختلفة كالموت والحياة، والحبّ والكره، وتقلبّات الدنيا كنعيمها وزوالها، وعن التّناقضات البشريّة التي لا تنتهي أبداً. تُعتبر رواية حديث الصّباح والمساء واحدة من الأعمال الروائيّة التي تمّ تحويلها إلى عمل تلفزيونيّ ناجح لاقى إقبالاً من الناس، ومَكمن أهمّية هذه الرواية أنّ محفوظ أسهب بعرض الرّواية بلسان الشّعب، واتّسمت بأسلوبه السّهل والذكيّ.[٢]
خان الخليليتُعتبر واحدة من روائع نجيب محفوظ الأدبية، وقد سُمّيت هذه الرّواية باسم واحد من أشهر أحياء مدينة القاهرة وهو حي خان الخليلي، فهذه الرّواية تُحلّق بقارئها حول حياة الإنسان وطموحاته ولذته، فتأتي أحداث خارجيّة تقمع هذا الطّموح بلا رحمة، وتصف الصّراع الذي يجول في عقل الإنسان بين الأمل، والرّحمة، والحب، والعقل، والحياة، ثمّ يتنهي الأمر بخسارة كل الأمور، تدور أحداث هذه الرّواية في شهر رمضان المبارك حول سكّان حيّ فقير يُدعى السكاكينيّ والذي تعرض للقصف إبان الحرب العالمية الثانيّة، فقرّر سُكّانه الانتقال إلى حي الحسين العريق الذي يرتبط بوجدانهم الدينيّ، وظناً منهم أنه آمن أكثر من غيره من الأماكن. تدور الرّواية أيضاً حول شقيقيْن أحدهما يُدعى أحمد عاكف أفندي، موظفاً في الحكومة ويَشعر بالاضطهاد من مجتمعه ويُعلّق عليه أسباب فشله بالحصول على وظيفة أفضل، كما استلهم محفوظ من شهر رمضان المبارك وأجوائه وطقوسه جزءاً من روايته، فبعض أحداث الرّواية كانت تدور في الشّهر الفضيل، وتمّ تحويلها إلى عمل سينمائي كبير. [٣]
ملحمة الحرافيشيعتبر البعض أنّها أهمّ إصدارات وروايات هذا الكاتب العملاق، صدرت هذه الرّاوية الواقعيّة في العام 1977م، تدور أحداثها حول قصة عشرة أجيال مُتتالية تنحدر من عائلة واحدة وجدّ يُدعى عاشور الناجيّ الذي سكن حارة مصريّة شعبيّة لم تُذكر بدقّة، ولكن يبدو من الوصف أنّها منطقة الحسين، والأغلب أنّها كانت تدور في زمن العلويّين، تصف الرّواية حال هذه الأجيال وما يعتريها من صراع أزليّ بين الخير والشّر، والجفاء والحنين، والظّلم والعدل، والصبر واليأس، كما تصفّ بعض مشاعر الحياة المُغرية والحزينة التي يتعرّض لها الفرد خلال حياته، كما تدعو الرّواية إلى عدم الاستسلام والخضوع للظّلم والظالم لمجرد أنّه قوي وذو سلطان. تضُم هذه الملحمة عشر قصص مختلفة للأجيال العشرة، أسماء القصص التي تضمّها الملحمة عاشور الناجيّ، شمس الناجيّ، والحب والقضبان، والمطارد، وقرّة عيني، وشهد الملكة، وجلال صاحب الجلالة، والأشباح، وسارق النّغمة، والتّوت والنّبوت. وتمّ تحويل بعض هذه الرّويات إلى أفلام سينمائية لاقت نجاحاً باهراً. واستخدم محفوظ الرّموز والأيحاءات في رواياته في وصف الأحداث، كما كانت لغته وألفاظه قويّة وعميقة.[٤]
زقاق المدقهي رواية ألّفها محفوظ عام 1949م باللغة العربية وتمّت ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية في عام 1966. وتدور حول أحداث تقع في حي يُدعى زِقاق المَدَقّ وهو أحد الأزقة المتفرّعة من حي الحسين وقرب خان الخليليّ في فترة الأربعينيّات، وإبّان الحرب العالمية الثانية، ويصف كيفيّة تأثير الحرب على الشعب المصري، وتدور الأحداث حول الشخصيّة الرئيسة والمِحورية في الرّواية وتُدعى حميدة، وهي فتاة يتيمة مُتبناه لم تجد للحبّ سبيلاً في قلبها، ولا تعرف الرّحمة والشفقة أبداً، ولا تُعير للمشاعر أيّ قيمة، بل عشقت المال والنفوذ، والثراء، والجاه فقط، واستغلّت جمالها الفائق في جذب مشاعر الشّباب الذين يرغبون في الزّواج لتسخير رغبتها في جمع المال ثمّ تركهم هائمين بسبب جشعها وطمعها بالمال. لم يترك محفوظ فرصة إلا ونعتها بالألفاظ القاسية، والأخلاق الوهينة الجشعة. وتمّ تحويل هذه الرواية أيضاً إلى عمل تلفزيونيّ.[٥]
بداية ونهايةتعتبر هذه الرواية الواقعية الاجتماعيّة من أنضج روايات نجيب محفوظ التاريخيّة، دارت أحداث هذه الرّواية ما بين عامي 1936م وحتى أحداث الحرب العالمية الثانية، نشرها محفوظ عام 1943م، صورّت الرّواية العلاقة بين طبقات المجتمع المصري الثلاث: الأستقراطيّة، والمتوسّطة، والفقيرة، في ظلّ فترة كانت الأزمات الاقتصادية تعصف بالشّعب المصري إبّان فترة الحروب، وأشارت إلى مدى تأثير تلك الحروب على تكوين نفسياتهم وعلاقتهم بالمجتمع المصري ذاته، ودارت أحداث الرّواية حول أسرة فقيرة يطمح أبناؤها إلى تحقيق رغباتهم وطموحاتهم رغم قسوة الحياة التي ألمّت بهم بعد موت والدهم العائل المادّي الوحيد، ممّا أدّى إلى تفكك الأسرة وانهيارها، واتّخاذ أبنائها سبيل الضّلال. دعا محفوظ في الرّواية إلى إيجاد حلول اجتماعيّة اقتصاديّة لتلك الأُسَر التي تفقد عائلها، وأشار أنّ تلك الرّواية بمثابة إنذار لما يُهدّد المجتمع المصري من آفات نتيجة الفقر، والظّلم، والفساد، والدّعارة.[٦]
رواية القاهرة الجديدةعبّر نجيب محفوظ في روايته هذه عن نظام الحكم المصريّ بصدق واصفاً إياه بالدكتاتوريّ، ووصف المجتمع المصريّ الحديث وما تعرّض له من عوامل ساعدت في تصدّعه وانهيار كيانه، وأشار إلى الاتّجاهات التي تصطدم وتُشكّل صراعاً مع الذات، كالعقائد الدينيّة، والاجتماعية، والأخلاقية، والصّراع بين المادة والرّوح، والغنى والفقر، والمال، والحبّ، والرّذيلة، والفضيلة. كما صورّ الحياة اليوميّة في صميم الشّارع المصري، ووصف الانفعالات النفسيّة للناس في ضوء الأحداث والوقائع اليوميّة من خلال أربعة طلاب جامعين مثّلوا الأحداث والصّراعات التي يتعرّض لها المجتمع.[٧]
المراجعالمقالات المتعلقة بأهم روايات نجيب محفوظ