إنه لفيلسوف الشعراء، وشاعر الفلاسفة، أبو العلاء المعري، أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري، لم يعش في تاريخ الإسلام كلّه شاعر أبلغ منه، ولا أحكم منه، ولا أكرم منه، لأن شعره لم يكن بهدف التكسّب، ولا أُجبر على مدح أحد. [١]
حياتهولد أبو العلاء المعرّي في مِعرّة النعمان في سوريا، وما أن أصبح في الثالثة من عمره حتى أصابه الجدريّ فأضعف بصره، إذ كان يقول: (لا أعرف من الألوان إلا الأحمر، لأني أُلبِست في الجدري ثوباً مصبوغاً بالعصفر، ولا أعقل غير ذلك)، وقيل أنّه فقد نظره تماماً في سن السابعة. قال الشعر في سن الحادية عشرة من عمره. انتقل إلى بغداد ولبث فيها بعضاً من الوقت، وانتقل إلى طرابلس لينهل العلم من مكتبتها الشهيرة هناك، ثم عاد بعدها إلى المِعرّة وبقي في بيته حتى توفّي. [٢]
بعد عودته إلى المِعرّة توفّيت والدته، هي التي كان متعلّقاً بها بشدة، فرثاها بقصيدتين من أجمل قصائد الرثاء، إضافة إلى الكثير من النصوص النثرية، وأضاف إلى ذلك قرار عزلته في بيته، فتره حبسياً لبيته، وللعزلته، فسُمّي رهين المِحبسين، وزادها هو بثالثة تُبيّن حبس روحه في جسده بقوله: وكون النفس في هذا الجسد الخبيث.[٣]
تميّز بذكاء حاد عجيب، سريع الحفظ، متوقّد الذهن، كأن قدرته على الإبصار تم تعويضها بذكاء لامع مميّز. عُرف بمقاطعته للحوم، إضافة إلى البيض واللبن، وكان يرى في هذا الأمر انتهاكاً لحقوق الحيوان، مُقتصراً بطعامه على الأغذية النباتية، كما أنّه كان يصوم طوال السنة ولا يُفطر إلا في العيدين: الفطر والاضحى. أما عن آرائه في الحياة، فقد كان كارهاً لها، مُتقشّفاً فيها، مستغلّاً حياته للحصول على منزلة أفضل في الآخرة. [٤]
اتُّهِم بالزندقة والإلحاد من قِبَل أعدائه، واستندوا بدعواهم تلك على القضايا التي كان يُناقشها مع طلّابه، إضافة إلى أنّهم أخذوا عليه عزوفه عن الزواج وامتناعه عن اللحوميّات التي فيها بُعداً عن السنن الدينية الإسلامية، واستندوا بتلك كل الادّعاءات ما أورده في كتابه (رسالة الغفران) من أخبار الزنادقة وأشعارهم.
دافع عن هذه التّهمة العديد من العلماء، أهمّهم القفطيّ، وابن العديم، وبيّن ما قاله المعرّي، وما وضعه خصومه على لسانه. إضافة إلى ان المعرّي نفسه لم يقف ساكناً ولم يخف، إنّما ردّ عليهم، وضحد دعواهم، ثم اعتزل الناس بعد أن أذوه أكثر مما ساعدوه.
اعتزل الحياة الخارجية في بيته الذي فتحه لكل طلبة العلم، فكان يستقل الطلّاب من جميع أنجاء العالم، حتى جمع عدداً كبيراً من كبار العلماء الذين تتلمذوا على يده. أما في باقي وقته فقد انصرف إلى الكتابة والتأليف والتصنيف، ليترك كمّاً هائلاً من المجلّدات الأدبية. [٣]
وفاتهتوفّي أبو العلاء المعرّي بعد أن مرض ثلاثة أيام، عن عمر يناهز السادسة والثمانين، اجتمع في جنازته الكثير من العلماء والشعراء والأدباء الذين تتلمذوا على يده، وألقوا فيها ثمانين مرثيّة، تاركاً وصيّةً خلفه بأن يُكتب على قبره: هذا ما جناه أبي عليَّ، وما جنيت على أحد، مُخلّفاً وراءه العديد من الأعمال الأدبية الرائعة التي حظيت بعناية خاصّة من النُقّاد العرب والغربيين، وحازت مؤلّفاته على اهتمام خاصّ من قبل المستشرقين. [٤]
أعمالهمن أعماله الأدبية الشهيرة ما يأتي:
من العلماء والأدباء الذين تتلمذوا على يديه ما يأتي: [٨]
المقالات المتعلقة بأبو علاء المعري