التقرّب من الله القرب من الله تعالى هو غاية المتّقين ومنية المؤمنين، فمعنى القرب من الله هو أن تكون قريباً إلى رحمته، وفضله، ومعيّته، وحفظه في كلّ حركات الإنسان وسكناته، وتقلّباته في الحياة، وهو نقيض البعد عن الله تعالى، حيث يستشعر الإنسان قسوة القلب، وكسل الجوارح عن الطّاعات التي فرضها الله عليه.
وسائل التّقرب إلى الله جعل الله سبحانه وتعالى لهذه الغاية العظيمة وسائل وطرق، ومن هذه الوسائل :
- النّوافل من الطّاعات والعبادات، فكثيرٌ منّا لا يدرك أهميّة النّوافل من العبادات في تحقيق غاية وهدف القرب إلى الله تعالى، ففي الحديث القدسيّ الذي رواه النّبي عليه الصّلاة والسّلام عن ربّه أوضح مثال على ذلك، فالله جلّ وعلا يبيّن حال العبد الذي يحرص على التّقرب منه من خلال النّوافل حتّى يحبّه الله، وإذا أحبّه الله حصد من وراء ذلك الثّمار الكثيرة، حيث تصاحبه معيّة الله وحفظه، وتسديده في كلّ أموره في الحياة حينما يسمع، وينظر، ويبطش، ويمشي بنور الله تعالى وتوفيقه .
- الدّعاء، فالدّعاء هو من أنفع الوسائل للتّقرب إلى الله تعالى، وهو سلوكٌ تعبّديّ يترجم فيه العبد إيمانه الحقيقيّ بالله وتوحيده حينما يوقن بأنّ الله تعالى هو وحده من يُقصد في الأمور، وهو وحده من يجيب الدّعاء، ويسمع أنّات العباد ومناجاتهم، وهو وحده سبحانه من يفرّج الكرب، ويزل الهّم، ويقضي حوائج الخلق .
- حبّ عباد الله المتّقين، فمن الأمور والوسائل التي تقرّب إلى الله تعالى كذلك أن يسعى المسلم لأن يحبّ أخاه المسلم المتّقي البار، فالله سبحانه وتعالى له أولياءٌ في الأرض من عاداهم عاداه الله وآذنه بالحرب، ومن أحبّهم وسعى في رضاهم أحبّه الله وقرّبه إليه .
- أن تكون حياة المسلم كلّها لله تعالى، فالله سبحانه لا يرضى لعباده إلّا اتباع المنهج الذي وضعه لهم، والذي يحقّق لهم الخير والفلاح في الدّنيا والآخرة، وإنّ من أهمّ مظاهر هذا المنهج وسماته أنّك ترى صاحبه حريصاً على تتبّع كلّ ما في الشّريعة من توجيهات حتّى يكون كلّ عملٍ وقولٍ وعبادة لله الواحد القهار، قال تعالى: ( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) .
- بغض أعداء الله تعالى والبراءة منهم، فمن أسباب القرب من الله تعالى الحرص على البراءة من الشّرك والكفر، وأصحابهما، فليس هناك ذنبٌ أعظم عند الله من أن يشرك به سبحانه، وإنّ من شأن هجر المشركين والبراءة منهم ومن أفعالهم تحقيق رضا الله عن العبد وقربه منه