وسائل الاتصال الحديثة سلبياتها وإيجابياتها

يعتبر الكثير من العلماء أن تطوّر وسائل الاتصال عبر التاريخ أسهم بشكلٍ كبير في التقدّم البشريّ بصورةٍ عامّة، وقد شهدت وسائل الاتصال والتقنية قفزاتٍ كبيرةٍ في القرنين الماضيين مع اختراع الهاتف ومن بعده ثورة تكنولوجيا المعلومات التي بلغت مداها في نهايات القرن العشرين، والتي ما زلنا نعيش انعكاساتها على الاقتصاد العالميّ، والأنظمة السياسيّة، والاجتماعيّة حول العالم.

بعدما كانت وسائل الاتصالات الحديثة مفتاح عمل العديد من الشركات الكبرى العالميّة، أصبحت في مُتناول غالبيّة الأشخاص حول العالم، وتزايد الاعتماد على تلك الأدوات في الحياة اليوميّة؛ بحيث أصبحت تؤثّر بصورةٍ مباشرة في سلوكيات الأفراد في المجتمع. سنعرض في هذا المقال أهمّ الإيجابيات والسلبيات لوسائل الاتصال الحديثة.

رغم تركيز أغلب الدراسات الاجتماعيّة والنفسيّة على سلبيات التكنولوجيا ووسائل الاتصال بصورةٍ عامّة، إلا أنّ إغفال الإيجابيات الخاصّة بها يُعدّ إجحافاً؛ حيث توفّر وسائل الاتصال التكنولوجيّة الحديثة سرعةً فائقةً في نقل المعلومات والبيانات عبر دول العالم، الأمر الذي يعني سهولة التعامل والانفتاح على الآخرين والاستفادة من الثقافات المختلفة، كما يُمكن حفظ كميّاتٍ كبيرة من المعلومات في مساحات تخزين بسيطة للغاية واستعادتها بكلّ سهولة.

تعود تلك الفوائد على الطلبة في سهولة التعلّم وعلى الشركات الحديثة في الحصول على المعلومات التقنيّة ووسائل التسويق المُبتكرة والتي تفيد في سوق العمل، وهي أمور تَدعم اقتصادات الدول بصورةٍ كبيرةٍ، ومن الناحية المجتمعيّة فإنّ التواصل بين الأفراد الذين تفصلهم مسافاتٌ بعيدة أصبح أمراً سهل المنال وأكثر توفيراً من عناء نقلِ الرّسائل المكتوبة.

من أهمّ السلبيات التي سببتها تلك الوسائل انصراف الكثير من الشباب إلى التعامل عبر شبكة الإنترنت والابتعاد عن التعاملات الاجتماعيّة القويمة، فأصبح التعامل بين أفراد الأسرة الواحدة بسيطاً دون وجود مساحات للتفاهم؛ بسبب التأثيرات الثقافية الجديدة على الشباب بصفة خاصّة، كما تؤثّر تلك الوسائل سلباً بصورةٍ واضحة على مستويات التحصيل الدراسيّ في الأنظمة التعليميّة الرسميّة، فيعتمد الطلبة على المعلومات الجاهزة التي توفّرها المواقع الإلكترونيّة المختلفة، دون بذل مجهود في البحث والاستذكار.

أدّت مواقع التواصل الاجتماعيّ إلى إحداث فجوةٍ كبيرةٍ في التواصل البشريّ، فأصبح الناس يعتمدون على تلك المواقع في إقامة العلاقات الاجتماعيّة والتعرّف على أشخاصٍ جدد دون وجود احتكاك حقيقيّ بالواقع، وهو الأمر الذي يَظهر جليّاً مع التعرّض لمواقف اجتماعية مباشرة، ومن أكثر السلبيات انتشاراً في السنوات الأخيرة وقوع العديد من الشباب في حفرةِ التعصّب والتطرّف بسبب التعامل غير المسؤول مع تلك المواقع، ويأخذ هذا التطرف أشكالاً مختلفة؛ كالتطرّف الدينيّ، أو الانغلاق ورفض المجتمع وتمثّل قيمٍ فاسدة، بما يتبع ذلك من حوادث عنفٍ وإرهاب.