في الخامس من تشرين الأول في كل عام، يحتفل العالم بعيد المعلم، المعلم الذي يبذل نفسه وروحه ومعارفه لأجل الارتقاء بالفرد والمجتمع، وقد جاء هذا التقليد منذ عام ألفٍ وتسعمئةٍ وأربعةٍ وتسعين، لتعم الاحتفالات التي تُعنى بتكريم المعلمين، وتقدير جهودهم في العالم أجمع، وبعض الدول تتخذ من يوم عيد المعلم عطلةً رسميةً، أما بعضها الآخر فتحتفل بالمعلم وهو في ميدان العلم والعمل.
يُقاس تقدم المجتمعات ورقيّها بمستوى اهتمامها بالعلم والتعليم، وبمقدار احترامها للمعلم، الذي يعتبر صاحب الفضل الكبير في مسح الجهل من العقول، وهو الذي يُعلّم الطبيب والمهندس، والمدير، والأستاذ، والمقاول، والضابط، وهو اليد التي تمسك بيد الأجيال لتخرجها من ظلام الجهل، إلى نور العلم، ومهما ذكرنا من محاسن للمعلم فلن نوفيه حقه، ولن نبلغ القليل من واجبنا تجاهه.
حين نفكر قليلاً ونعود بالتاريخ للوراء نستنتج أنّ المعلم هو أساس تطور جميع البلدان، في جميع ميادين الحياة، سواء في المستشفيات، أو المباني، أو المصانع، أو الصروح العلمية الكبيرة، أو حتى في محاكم العدالة والقضاء، ومجالس الشورى والحكم وصناعة القرار، فالمعلم يعلم جميع الفئات، وله الفضل في وصول كل شخصٍ في الحياة إلى هدفه وطموحه، وهو أولى الناس بالتبجيل والتعظيم، وكم من القصائد التي تغنت بالمعلم، وذكرت محاسنه، وفضله، "من علمني حرفاً، كنت له عبداً "، فالتلاميذ مثل الأرض القاحلة، التي يزرعها المعلم ببذور المعرفة، فيسقيها ويعتني بها، لتثمر وتخضر وتزهو، لتعطي أطيب ثمارٍ في الحياة.
تضع المجتمعات الراقية والدول المحترمة في أولى بنودها صيانة حقوق وكرامة المعلم، وتكفل له الحياة الكريمة، وتوصي جميع أفراد المجتمع بالتواضع له، وجعله في الصف الأول في كل شيء، لأن صلاح المعلم يعني صلاح جيلٍ بأكمله، حتى إن احترام المعلم جاء في الدين والشريعة، فقد أوصانا النبي عليه الصلاة والسلام باحترام المعلم، وإجلاله، وإكباره.
جميع من يعملون في مجالات الحياة يستثمرون في أشياء كثيرةٍ فيها، إلا المعلم، الذي يستثمر العقول، ويفرح كثيراً إن تفوق تلاميذه عليه، لأنه يمنحهم عصارة عقله وعلمه، ليفتخر بهم، ويباهي بهم الدنيا، ليكون له الأجر والثواب، لأنّ العلم الذي يُنتفع به يعتبر صدقةً جاريةً للمعلم، تتوارثها الأجيال، فهنيئاً للعلم والمعلمين، وطوبى لهم، طوبى للشمعات التي تحترق لتضيء درب الخير والحق والجمال لغيرها، وكما يقولون دائماً ويرددون: " كاد المعلم أن يكون رسولاً " فيا لها من مرتبةٍ عظيمةٍ، وشرفٍ كبيرٍ، لا ينبغي لأحدٍ إلا للمعلم.
المقالات المتعلقة بموضوع عن عيد المعلم