مهارات التفاوض والإقناع والتأثير يلجأ كثير من النّاس، إلى حل خلافاتهم، ومعالجة نزاعاتهم، وتحقيق مكاسبهم، وتحصيل حقوقهم من خلال التفاوض، والإقناع والتأثير، فأصبحت هذه عناصر وعناوين، أساسيّة لحّل أيّ نزاع أو معالجة أي خلاف، فيفشلون أحياناً، وينجحون أحياناً أخرى، وبكلّ تأكيد هناك أسباب للنجاح، وأخرى للفشل في التفاوض، فالمشكلة ليس في مبدأ التفاوض، أو الإقناع، وإنّما في السبل المتبعة في ذلك، وحتى تتحقّق للتفاوض غاياته وللإقناع والتأثير آثاره، فلا بد من مواصفات للمفاوض الناجح.
مواصفات المفاوض الناجح - قوة الشخصيّة: وهي نقطة الأساس في التفاوض، وهي تكتسب بالمراس والخبرة، وجزءٌ منها يكون صفة ملازمة، فهي نسبيّة الوجود عند الأشخاص، بمعنى أنّها يمكن أن تكون متوفرة عند شخص، ومنعدمة عند آخر.
- قوّة الحجّة والدليل: وهذا عصب التفاوض، ولولا ذلك لفقد حقيقته، وضاع منه جوهره.
- حسن الاستماع للطرف الآخر: فكثرة المقاطعة، توغر الصدر، وتشتت محاور التفاوض.
- الحكمة في انتقاء العبارات التي تخاطب العقل والوجدان، فالعبارات الجميلة، المنتقاة بعناية، لها تأثيرها السحري في الطرف الآخر، فتختصر المسافات، وتبدد الصعوبات، فكم من تفاوض حوّل نزاعاً افتّضَّ بسبب سوء استخدام العبارات، وكم من صاحب حق، تنازل عن أجزاء منه للطرف الآخر، بسبب حكمته، وسحر عباراته.
- عدم التعصب للرأي: فالتعصب للرأي يقيم حاجزاً بين طرفي التفاوض، وفجوة يصعب اختراقها.
- الجرأة في الاعتراف بالخطأ، والاعتذار عنه، إن منه وقع، وهذه الصفة مدخل عظيم لقلب الطرف الآخر، وعقله ووجدانه.
- سعة الثقافة، ودقة المعلومات، ولا سيّما حول الحق الذي عنه يفاوض.
- العلم بنفسية الطرف الآخر، وطرائق تفكيره، فلكل إنسان نفسيّته الخاصة، وطرائقه في التفكير.
- معرفة مداخل النفوس، وكيفيّة التأثير فيها، فلكلّ نفس مفاتيحها الخاصّة.
- الثناء على كلّ موقف إيجابي، يبدو له من الطرف الآخر، أثناء التفاوض، وعدم الحكم عليه بالمجمل، فالإحسان، يستدعي الثناء، والخطأ يستدعي بالحكمة التصويب، والجهل يستدعي حسن البيان.
- الإلمام بكلّ ما يتعلق بآداب الحوار، من خفض للصوت، وطيب الكلام، والابتعاد عن الشتم والتجريح.
- توفّر الاستعداد بالتضحية بجزء يسير من الحق، مع الحفاظ على القيم والثوابت، إن قوبل من الطرف الآخر بما يعادل ذلك، وهو ما يسمّى الالتقاء في منتصف الطريق، فثبات كلّ من الفريقين أو الطرفين، وتشبثه بمواقفه، يطيل أمد النزاع، ويضعف الأمل بحلّه.
إنّ التفاوض، والإقناع، والتأثير، كلها، وسائل وأساليب، في الحوار، نجاحها، أو فشلها، يكمن في عدّة عناصر، ميدانها الأساسي، طرفي التفاوض، فبين العناد والتكبّر، من الطرف الأول، والجهل، وضعف الحجة، وهشاشة الشخصيّة، من الطرف الآخر، تضيع العديد من الحقوق، وهنا مكمن الداء.