أحبّ الصّحابة رسول الله عليه الصّلاة والسّلام حباً شديداً حتّى كانوا يذودون عنه ويفتدونه بأنفسهم وأرواحهم، ولقد كان أحدهم يتمنّى أن يكون خادماً بين يدي رسول الله حتّى يتقرب بذلك إلى الله تعالى، وينال شرف القرب والرّفقة لأطهر نفسٍ أخرجت للنّاس.
حينما أذن الله سبحانه وتعالى لنبيّه محمّد عليه الصّلاة والسّلام بالهجرة إلى المدينة المنوّرة، استقبل أهل المدينة خبر مقدم الّنبي بالفرح والسّرور، وعندما وطأت أقدام النّبي الكريم أرض المدينة المنوّرة وفد النّاس إليه يتحفونه بكلّ ما عندهم من ترحيبٍ وتكريم، ومن بين الوفود التي قدمت كانت أم سليم بنت ملحان أمّ الصّحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه، التي عرضت على النّبي عليه الصّلاة والسّلام أن يكون ابنها خادماً بين يديه، فوافق النّبي على ذلك، فما هي سيرة خادم رسول الله ؟ .
مولد أنس خادم الرسولولد أنس بن مالك رضي الله عنه في السّنة العاشرة قبل الهجرة إلى المدينة المنوّرة، فكان عمره حينما هاجر النّبي إليها عشر سنوات، وينتسب أنس رضي الله عنه إلى الخرزج وأبوه اسمه مالك بن النّضر النّجاري الخزرجي.
خدمة أنس للرسولخدم أنس بن مالك رضي الله عنه النّبي عليه الصّلاة والسّلام عشر سنواتٍ كاملة مدّة إقامته في المدينة المنوّرة، وكان أنس رضي الله عنه مثالاً للخادم الطّائع النّجيب فلم يعصِ النّبي في أمرٍ، ولم يخالفه في مسألة، كما أنّه كان مستودع أسرار النّبي الكريم في كلّ أحواله، فلم يطلع أحداً على سرٍّ خصّه به النّبي.
كان تعامل النّبي مع أنس رضي الله عنه مثالاً ونموذجاً في الأخلاق والكرم، فلم يقل له يوماً عن شيءٍ فعله لمَ فعلته، ولا لشيءٍ لم يفعله ألا فعلته، ولم يسبّه رسول الله يوماً أو يعبس في وجهه أو يقول له أفٍ قط، بل كان تعامله معه مبنيّاً على الرّفق واللّين وطيب المعشر.
حياة أنس خادم الرسولشارك أنس بن مالك رضي الله عنه مع النّبي الكريم في معظم غزواته، كما كان من الذين بايعوا بيعة الرّضوان يوم الحديبيّة. دعا رسول الله عليه الصّلاة والسّلام لأنس بأن يكثر الله ماله وولده وأن يدخله الجنّة، وقد شهد أنس تحقّق دعاء النّبي في حياته، حينما رزقه الله الكثير من الأولاد والأحفاد، كما كثر ماله ببركة دعاء النّبي.
كان أنس رضي الله عنه من الصّحابة الذين اعتزلوا الفتنة بين علي رضي الله عنه ومعاوية بن أبي سفيان، ولقد ارتأى اتخاذ هذا الموقف لخوفه من الوقوع في الفتنة في الدّين. توفّي رضي الله عنه في السّنة الثّالثة والتّسعين للهجرة عن عمر ناهز المائة، وكان أخر من مات من الصّحابة رضي الله عنه وأرضاه.
المقالات المتعلقة بمن هو خادم الرسول