بِرُّ الوالدين يعتبر بِرَّ الوالدين من أعظمُ الأعمال وأَحبُها إلى الله عزّ وجلّ بعد الصلاة؛ فمن أراد الفلاح في الدنيا والفوز بالآخرة أحسَنَ إلى والديه، وصاحَبَهما بالمعروف، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم: أيّ العمل أحبّ إلى الله؟ فقال: الصلاة على وقتها، قال: ثمّ أيّ؟ قال: ثمّ بِرّ الوالدين...)، وقرن الله سبحانه وتعالى الإحسان إلى الوالدين بعبادته وطاعته، وأمر ببِرّهما وحرّم عقوقهما وجعله من الكبائر، فقد قال تعالى: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ)[الإسراء:23]، وفي هذا المقال سنذكر حقوق الوالدين، وفضل برّهما.
حقوق الوالدين إنّ أبسط حقوق الوالدين على أبنائهما المحبة؛ فما نفع الحياة إن لم يشعر الأب والأُم بمحبة أبنائهما ولهفتهم الدائمة عليهما، ففي حين أنّ بِرّ الوالدين من أحبّ الأعمال إلى الله، فإن عقوقهما بالصراخ وعدم الاهتمام بحاجاتهما وغيرها من الأمور؛ تُعجّل غضب الله، وسخطه على الإبن العاق، ومن أهمّ الحقوق الواجبة للوالدين:
- الطاعة: فإذا أمرا الإبن بالقيام بأمرٍ ما فعليه به ولو كان صعباً، ولا يجب القيام بذلك للتخلّص من إنجاز الأمر وحسب، بل لأنّه طُلب من قبل الوالدين، لأنّ ذلك سيُدخل السرور إلى قلبيهما، وسيحقّق رضاهما الذي جعله الله من رضاه، وفيما يخصّ مخالفة أمر الوالدين للشرع على الإبن أن يمتنع عن ذلك؛ شرط أن يعتذر بتوددٍ إليهما عن عدم قيامه بذلك، فقد قال تعالى: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) [لقمان:15].
- الإنفاق: فليس من المعقول أن يكون الإبن مقتدراً ويُحجم عن الإنفاق على والديه؛ فمن باب أولى أن يردّ الأبناء بعض ما صنع لهم الوالدان من تعليمٍ، وتربيةٍ، وكساءٍ، وتوفير حياةٍ كريمةٍ، ومهما ذكرنا فلن نوفيهما حقهما.
- الإحسان: فما أجمل أن يُحسن الإبن لوالديه بالفعل والقول؛ فتراه يتحبّب بالكلمات والملاطفة لأمّه ويحنو لتقبيل يد أبيه، وعندما تضيق الحياة وتغلق دروبها يلجأ إليهما، ورغم شعور الوالدين بالحزن لما يمرّ به الأبناء من ظروفٍ صعبةٍ، إلّا أنّهما يشعران بالفرح لاتخاذهما موضع ثقةٍ دائمةٍ، ممّا يوطد علاقة الأبناء بالوالدين وخلق أُسرةٍ متماسكةٍ، ومن أشكال الإحسان الأُخرى التي يمكن أن يقوم بها الإبن:
- إخفاض الصوت عند التحدث أو محاورة الوالدين لقوله تعالى: (فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء:23-24] وفي الآية صورتين من صور الإحسان؛ الأولى تجنب التأفّف، والثانية الدعاء للوالدين بالرحمة والمغفرة
- التواضع للوالدين، والقيام بالأعمال التي تجلب لهما السرور؛ كأخذِهِما في نُزهةٍ، أو شراء ملابسٍ جديدةٍ، أو زيارةِ أقاربهما، ومعاملة أصدقائهما مُعاملةً طيبة.
- بِرّ الوالدين بعد وفاتهما: وذلك بالدعاء لهما بالمغفرة، والرحمة، والتصدّق عنهما.
فضل بِرّ الوالدين - رضا الوالدين من رضا الله؛ ومن أغضب والديه وتباهى في عقوقها حَلَّ عليه غضب الله وعقوبته.
- الفوز بالجنة؛ فمن فاز برضا الله ورضا الوالدين استحق بذلك الجنة.
- تفريج الهموم في الدنيا؛ وما أكثر الهموم التي يشعر بها المرء في حياته، لكنّها سرعان ما تتبدّد بدعوةِ الوالدين ورضاهما.