مقال عن جمال عبد الناصر

كان جمال عبد النّاصر زعيماً عربيّاً على رأس الدّولة المصرية، ومثّل الزعيم الذي يقود حركة توحيد الأمّة العربيّة؛ لتصبح قادرةً على مواجهة أعدائها، آمن رحمَه الله بقوميّة العرب، وبأنّ وحدة أقطاره أو دُوَلِه هي الطّريق الوحيد للوصول إلى مرحلة امتلاك العرب لحرّيّتهم الكاملة وسيطرتهم على مواردهم الطّبيعية والوقوف بمصافّ الدّول القويّة، فكانت مصر بثقلها الاقتصاديّ والبشريّ في تلك المرحلة محطّ أنظار الشّعب العربيّ لتحقيق الحلم العربي وهو الوحدة.

لقد امتلك عبد النّاصر القدرة على التّأثير في عواطف النّاس بشخصيّته القويّة وقدرته على الإقناع وتسويق أفكاره، فسُمِعت خطاباته من جميع الإذاعات العربية، واستمع إليها كلّ محبٍّ للوحدة خاصّة جيل الشّباب التوّاق للتخلّص من الهيمنة الأجنبيّة.

وُلِد جمال عبد النّاصر في عام 1918م في مدينة الإسكندريّة، تلقّى علومه الابتدائية في عدّة مدارس حيث كان والده يعمل مصلح البريد، وكان كثير التنقّل، بعد المرحلة الابتدائية سافر جمال إلى القاهرة للالتحاق بالمدرسة الثانويّة، وحصل على شهادة البكالوريا من مدرسة النّهضة في القاهرة عام 1937 م، ثمّ درس القانون في جامعة فؤاد (القاهرة حالياً)، وتقدّم لمسابقة طلاب الكلية العسكرية وفاز فيها، وتخرّج فيها برتبة ملازم ثانٍ وحصل ذلك في عام 1938م.

لقد خضعت مصر في هذه المرحلة للاستعمار الفرنسيّ، وكان النّظام السياسيّ فيها نظاماً ملكيّاً يعاني من مشاكل وانتقاداتٍ كثيرة، وتاقَ الشّعب المصريّ للتخلص من الاستعمار، فبدأت نواة تشكيل حركة الضبّاط الأحرار، وكبرت الحركة خاصةً بعد حرب مصر مع إسرائيل في عام 1948م التي هُزِم فيها العرب، واحتلّت إسرائيل مساحاتٍ واسعةً من الأرض العربيّة.

كان عبد النّاصر الضابط المنظّم لحركة الضبّاط الأحرار، وأعلنت اللّجنة الثورةَ على النظام الملكيّ في مصر، واستملت اللجنةُ الحكم في مصر بانقلابٍ عسكريّ دون خسائر بشريّةٍ، وانتُخِبَ عبد النّاصر في عام 1956 رئيساً لجمهوريّة مصر العربيّة، على أمل تحقيق أحلام العرب وبناء دولةٍ قادرةٍ على دحر إسرائيل، وتحرير الأراضي العربيّة المحتلّة، إلّا أنّ ذلك لم يحدث بل هُزم العرب أمام إسرائيل مرّةً أخرى في العام 1967م، واحتلّت إسرائيل مساحاتٍ أخرى من الأرض العربيّة.

تبنّى الزّعيم عبد النّاصر الفكر القوميّ العربيّ، وشجّع الأنظمة السياسيّة التّقدميّة في العالم العربيّ؛ للوصول إلى مرحلة القدرة على استرجاع الأرض العربيّة التي احتلّتها إسرائيل، توفّي الزعيم عبد النّاصر في عام 1970م وانهارت الأنظمة التقدميّة من بعده، ولم تتحرّر الأرض العربيّة المحتلة.