مقال عن أهمية العناية بالمساجد

جعل الله سبحانه وتعالى له في الأرض بيوتاً شرّفها بالذّكر الحسن، والعبادة الصّادقة، وهي ملاذ المؤمنين القانتين، وقرّة عين التّائهين المذنبين، فيها تنصب الأقدام لباريها، وتلهج الألسن بذكر الله ومناجاته فيها، وقد أسماها الله عز وجل في كتابه بالمساجد تعظيماً لمكانتها وفضلها، ولأنّها مظنّة السّجود والخضوع لله تعالى، قال تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) [النور:36].

منذ أن أسّس المسلمون المسجد الأوّل في تاريخ الإسلام وهو مسجد قباء، وهم ينظرون إلى بيوت الله في الأرض نظرة احترامٍ وتبجيل، كما توجّهت جهود المسلمين الأوائل نحو العناية بالمساجد حتّى تظلّ لها صورتها النّاصعة البياض، وتؤدّي دورها الكامل في المجتمع الإسلامي، وإنّ موضوع العناية بالمساجد يتضمّن ما يأتي:

• أن يبقي المسلمون على وظيفة مساجد الله في الأرض من دون انتقاصٍ لها أو تخريب، فالمساجد هي بيوت الله تعالى التي شيّدت للعبادة والذّكر وإقامة الصّلوات، كما أنّها في بداية عهد الدّول الإسلاميّة كانت مقرّاً لاتخاذ القرارات المصيريّة للأمّة، ومكاناً لإعداد الجيوش وتجهيزها، وإنّ من شأن قيام المساجد بهذه الأدوار العظيمة أن تبقي على مكانة المساجد في المجتمع الإسلامي.
• الحرص على نظافة المساجد والعناية بها، فصاحب البيت تراه يحرص على أن يكون بيته نظيفاً دائماً، فبيوت الله سبحانه وتعالى هي أولى بالعناية والاهتمام، فينبغي على المسلمين أن يحرصوا على نظافتها من الأدران، وأن تكون معطرةً بالطّيب والرّائحة الجميلة، وأن يحرص المسلمون حين التّوجّه إليها أن يكونوا على نظافةٍ وطهارةٍ كاملة، قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف:31].
• تجنيب مساجد الله الصّخب، وعبث الأطفال والمجانين، فبيوت الله تعالى ينبغي أن يتوفر فيها الهدوء والسّكينة التي تحقّق الخشوع للمصلين العابدين، ويكون ذلك بتجنيبها صغار السّنّ الذين لا يعقلون، والمجانين الذين لا يدركون، وأصحاب المصالح والحاجات الخاصّة الذين يظنّون أنّ المساجد هي مكان لكي ينشدوا ضالّتهم، ويحقّقوا مآربهم، وكذلك الحرص على أن تكون المساجد طرقاً يجتمع فيها الباعة الذين يعرضون أمامها بضاعتهم.
• تنظيم أمور المساجد، فالمسجد يحتاج إلى لجنةٍ خاصّة تقوم على متابعة ما يحتاج إليه من أمور الصّيانة والتّرميم والإصلاح وغير ذلك، ومتابعة جمع التّبرعات وحصرها في الجهات الموثوق بها.
• الحرص على إعمار المساجد بالمصلّين العابدين وعدم هجرانها، ويكون ذلك من خلال التّأكيد على أفضليّة صلاة الجماعة على صلاة الفرد، وعظيم ثوابها وأجرها.