شعر المدح
شعر المدح باب من أبواب الشعر العربي الواسعة، ويشمل عدّة أفرع منها: مدح الذات، ومدح الآخر، وهو من أشهر الأغراض التي نظم فيها الشعراء في العصر القديم والحديث، وسنتعرّف في هذا المقال على مفهومه لغةً واصطلاحاً، وعلى بعض شعرائه، ومراحل نشأته عبر العصور المختلفة.
مفهوم شعر المدح
لغةً:
هو حسن الثناء، ويقول البعض: مَدَحْتُهُ مِدْحَةً واحدة، ومَدحاً، ومِدحة؛ ومَدَحَهُ يَمْدَحُهُ، والصحيح أن المَدْحَ المصدر والمِدْحَةُ اسم، و :الجمع مِدَحٌ، وهو المدِيحُ والأمَاديحُ.
قال أبو ذؤيب: لَوْ كَانَ مِدْحَةُ حَيٍّ مُنْشِرًا أَحَدًاأَحْيَى أَبَاكُنَّ -يَا لَيْلَى- الأَمَادِيحُنعني بالمدائح جمع مديح من الشعر، والذي مُدِحَ به كالمدحة والأمدوحة، ورجل مادحٌ من قوم مُدَّح، ومديح، وممدوح.
اصطلاحاً:
هو تعداد لجميل المزايا والخِصال، ووصفٌ للشمائل الكريمة، وإظهارٌ للتقدير العظيم الذي يحمله الشاعر لمَنْ توفرت فيه تلك الصفات.
يعتبر المدح من الأغراض الشعريّة الرئيسية التي تناولتها القصيدة العربيّة، ثمّ يتفرع كلّ غرض إلى فروع، فيكون من المدح مثلاً: المراثي والفخر، والشكر، واللطف واللين في المسألة.
المدح في الشعر العربي
تطوّر المدح منذ نشأة الشعر العربي، فقد كان من أهمّ الموضوعات التي تتطرق لها القصيدة، حيثُ أصبح فناً قائماً بذاته بصفته غرضاً من أغراضها، فرغبة الشاعر في إظهار إعجابه بممدوحه تدفعه إلى إتقان هذا الفن من الكلام، حيثُ يسعى إلى نظم الشعر الذي يتضمن الثناء والشكر.
كان الشعراء القدماء يمتدحون قبائلهم، وحروبها، وشجاعتها، ويتغنون بأمجادهم وأحسابهم، وبهذا فالشاعر الجاهلي جرى في إبداء إعجابه بشخصية الممدوح، والتأثر بمآثره وفضائله، أو الشكر له من خلال قول الشعر، والذي كان وسيلة لتعظيمه وتخليده، دون أن يكون له مطمع أو غاية من وراء ذلك المدح، وخير مثال ما قاله امرئ القيس في بني تميم لما أجاروه:
کأني إذ نزلت علي المعلي
نزلت علي البواذخ من شمام
فما ملك العراق علي المعلي
بمقتدر، ولا ملك الشآم
أقر حشا امرئ القيس بن حجر
بنو تيم مصابيح الظلام
لكن بعد ظهور الإسلام أصبح يُقال للافتخار به كدين حنيف، ويهجون أزمنتهم الجاهليّة وما بها من عادات وتقاليد سيّئة، حيثُ ظهر مجموعة من شعراء المدح في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام كحسان بن ثابت.
في زمن الخلافة العباسيّة وبعد استقرار الدولة الإسلاميّة ظهر شعراء استخدموه وسيلة لكسب قوتهم، وتلبية رغباتهم ومطالبهم، ونيل العطايا والهدايا، ومن أشهرهم المتنبيّ في مدح سيف الدولة الحمدانيّ؛ ومن أكثر الصفات التي كانوا يمدحون بها هي: الشجاعة والكرم، وحماية الجار والإحسان إليه، ومساعد المحتاج.
