الرّبانية في الإسلام الربّانيّ هو العارف بالله عزّ وجلّ، والمنسوب إليه، والقريب منه، و المملوء قلبه بالإيمان. تُحدّد قوّة صلة العبد بربّه بمقدار ابتعاده عن جواذب الأرض، وارتقائه بقلبه وروحه نحو السماء؛ فالإنسان مكوّنٌ من روحٍ وجسد؛ هذا الجسد له متطلّبات وشهوات تجذبه نحو الأرض، وكلّما تخلّص منها وتحرّر من حب الدنيا ارتفع إلى السماء وازدادت بذلك صلته بخالقه، لأنّه انقطع عن شواغل الأرض، وسما بقلبه عنها.
صفات الرّبانيين - أصحاب قلوبٍ حيّة، تتجاوب في شعورها مع ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وتتأثّر بالمواعظ، و تضطرب وَجَلًا ووَجْدًا عند ذكر الله سبحانه وتعالى، وتخشع في لينٍ وسكون بمعرفة الله عزّ وجلّ فتخشع بذلك سائر الجوارح.
- هم المؤمنون؛ قلبًا وقالبًا، صلاحُ باطنهم ينعكس على ظاهرهم، ونجد ذلك في أخلاقهم ومعاملاتهم، فيهم الصدق، والأمانة، والبر، والإحسان، والحِلم، والعدل، والرّفق، والعزّة، والحكمة، والرّحمة وغيرها، و كلّ ذلك يستمدّونه ويتعلّمونه من صفات الله تعالى ورسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
- هم قوّامو الليل، فلا سير في طريق الله دون زاد، وزادهم قيام ليلهم، وأُنسهم بخالقهم، ولذّتهم بمناجاته سبحانه.
- كثيرو الإنابة والفرار إلى الله عزّ وجلّ، والفارق هنا بين الربانيين وغيرهم هو سرعة عودتهم إلى الله تعالى بعد ارتكاب المعاصي والذنوب؛ فكلّ بني آدم يُخطؤون ولكنّ أفضلَهم أسرعُهم في التوبة والاستغفار من الزلّات.
الوسائل المُعينة للوصول إلى درجة الربّانيّة إنّ وسائل طاعة الله سبحانه وتعالى كثيرة، وهي سبيلٌ للتقرّب منه وتقوية الصّلة به؛ فالعبادات كلّها تحملُ صاحبها على حب الخالق والالتجاء إليه، فيهتدي بذلك لأنوارها، ويحصل على ثمار القيام بكل واحدةٍ منها، وإنّ من أهمّ المُعينات في طريق السائرين إلى الله تعالى ما يلي:
- الصلاة: تعدّ الصلاة أساسَ كل العبادات وأفضلها؛ فهي صلةٌ للعبد بربه دون وسيط، وكلّما حافظ عليها هذا العبد ازداد قربًا وحبًا لله تعالى، ويجب أن يكون أعظم حرصه على الفرائض منها ثمّ الاستزادة من النوافل بعد ذلك وهي كثيرة.
- الصّيام: هو من أجلّ العبادات التي يجد العبد أثرها في نفسه؛ فالصّوم مدرسةُ الصبر، به تضعف شهوات النفس فيسهل التحكم بها، وثمرته تقوى الله عزّ وجلّ.
- التفكّر: يُعتبر التفكّر من أيسر الطرق وأسهلها للتعرّف على الله عزّ وجلّ، وله أبوابٌ عديدة منها: التفكّر في أسماء الله تعالى الحسنى وصفاته العُلى، والتفكّر في النِّعَم التي منحنا إياها، والتفكّر في هذا الكون الفسيح والمخلوقات التي فيه، وكلّ ذلك ليس إلا دليلًا على عظمة الخالق وكماله.
- ذكر الله عزّ وجلّ: الذّكر برهانُ المحبة، وكلّما زاد حب الإنسان لله سبحانه وتعالى أكثَرَ من ذكره، و أعلى درجات هذا الذكر ما اجتمع فيه القلب واللسان على التأثر به، فيحرص المسلم دومًا على طرق أبواب الذكر المختلفة طلبًا للقرب من الله تعالى والانتساب إليه.
- الصّدقة: هي الإنفاق في سبيل الله تعالى، بها تتزكّى النفس وتتطهّر من الذنوب، وتحصل بركة المال فينمو ويزداد، وتخلو نفس صاحبها من آفة البخل و الشّحّ.
- الدّعاء: اللّه يحبّ العبد الذي يدعوه ويلحُّ عليه في طلب مسألته، ويُظهر الافتقار لله عزّ وجلّ، وحريٌّ بالمسلم أن يغتنم الأوقات الفاضلة التي يستجاب فيها الدعاء فيدعو بها ويتقرّب إلى الله سبحانه وتعالى من خلالها.