تعتبر الحرية الشخصيّة مطلباً فطرياً طبيعيّاً من مطالب الإنسان، والتي خلقه الله عزّ وجل وفطره عليها، فحاجتُه لها عندما يفتقدُها تفوقُ حاجتَه للطعام والشراب، وقد أقرَّها الدينُ الإسلاميُّ الحنيف كحقّ مكتسب لكلّ إنسان على وجه الأرض، إذ أعطاه الله عزّ وجل كامل الحرية اختيار دينه وعقيدته، كما اختيار تصرفاته وتعبيره عن آرائه، فقد قال الله تعالى في القرآن الكريم: (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا) [الكهف:29].
ضوابط ومعايير الحرية في الإسلاممبدأ الحرية الشخصية في الإسلام محكومٌ بضوابط َومعاييرَ معيّنةٍ لا يجوز تجاوزها أو المساس بها، فهي تتقيّدُ بخطوط عريضةٍ لا يجب لها أن تُمَس كخطوط الدين، والأخلاق، والقوانين، وأيضاً حقوق وحريّات الآخرين، ففي الإسلام نجد أن الحريّة منظّمةٌ ضمن إطار معيّن حتى تحقّق أهدافها والتي بدورها تخدم الإنسانيّة والعقيدة على حدٍّ سواء، ويمكننا تلخيص هذه المعايير بالآتي:
هذه الضوابط بدورها تضمن السلام والأمان للنفس البشرية، فهي تضمن عدم العبث بسلامة الفرد، أو ماله، أو عرضه في المجتمع الإسلامي سواءً من نفسه أو من الآخرين فالفرد تحقّ له ممارسة جميع حرياته الشخصية في المجتمع ولكن في حدود نظام الشريعة، فقد شددّت تعاليم الدين الإسلامي على موضوع التعدّي على ثوابت الدين والشرع ومهاجتها، أو المجاهرة بالفواحش والمعاصي والعمل على نشرها بحجة التحرر الفكري والانفتاح، فقد قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النور:19] ومن أهم صور هذا التعدّي أنّ ارتكاب الفواحش والمعاصي جهراً سيدعو الكثير من الناس على التقليد والانسياق وراءها، فتُكسَرُ بذلك حدود الأدب وتنتهك الكثير من حقوق الله والدّين.
الحرية الشخصية في الإسلام حقٌّ للمسلم وتكليفٌ له، ويجب أن تنعكس بشكلٍ إيجابي على الفرد بصورةٍ خاصة، وتتوسّع لتصل إلى نطاق المجتمع بصورتهِ الكاملة، لتحقّق بذلك أهداف رسالة الدّين الإسلامي في الأرض وهي إعمارها.
المقالات المتعلقة بمفهوم الحرية الشخصية في الإسلام