الأسرة هي اللبنة الأولى والدّعامة الأساسيّة في بناء المجتمع وصرحه؛ فإذا كانت هذه اللبنة قويّةً كان البناء الذي يقوم عليها قويّاً متماسكاً، وإذا كانت ضَعيفةً تهاوى البناء وسقط مع أوّلِ ريحٍ تعتريه؛ فالمُجتمع يحتوي على مجموعةٍ من الأسر التي ترتبط مع بعضها برِباط المحبة، وقوة المجتمع وضعفه تُقاس بمدى قوة الأسرة وضعفها.
إنّ المُجتمع القوي هو المُجتمع الذي تتميّز أسَرهِ بالقوةِ والوعي، والثقافة والجاهزيّة العالية، والقُدرة على مُواجهة الصعاب، أمّا المجتمع الضّعيف فهو الذي تتميّز أسره بضعفها، وعدم قُدرتها على مواجهة الظروف الطارئة، فهي مُتفكّكة، وغير مُترابطة، لا تقوم على أسسٍ قوية ومبادئ راسخة، من هنا تكمُن أهمية الأسرة ودورها في بِناء المجتمع، ودورها الأكبر في ازدِهارِ ونُموّ الأمم.[١]
المفهوم اللغوي للأسرةإنّ لفظ الأسرة مأخوذ من كلمة الأسر، بمعنى القوّة والشدة، والأسرة هي الدرع الحصينة، فأعضاء الأسرة الواحدة يشدّ بعضهم بعضاً، ويُعتبر كل فرد منهم بمثابة الدرع للآخر، ويأتي اللفظ أيضاً بمعنى القيد والأسر، ويُمكن تعريف الأسرة من الناحية اللغوية أيضاً بالعشيرة؛ فأسرة الرجل بمعنى رهطه وعشيرته لأنّه يقوى بِهم.[٢]
المفهوم الاصطلاحي للأسرةتَعدّدت التّعريفات الاصطلاحيّة التي وضّحت مفهوم الأسرة؛ واختلاف التعريفات يدلّ على تَعدّد أنماطها، والدراسات التي أجريت حول الأسرة، فبعض العلماء يرون أنّ الأسرة هي تَنظيم اجتماعي، وبعضهم يرونها جماعة اجتماعيّة؛ وهذه التعريفات الاصطلاحيّة للأسرة تتحدّد بِناءً على طَبيعة المُجتمع وعاداته وثقافته؛ فنجدُ المُفكّرين الأمريكيين يطلقون لفظ الأسرة على كلّ وحدة اجتماعية، بغضّ النظر عن عدد الأفراد فيها، من شخصٍ واحد إلى مجموعة أشخاص، فهم في نظرهم أسرة؛ وهذه المجموعة تكفل لنفسها الاستقلال الاقتصادي والسكني سواءً وُجدَ في هذه المجموعة أطفال ونساء أم اقتصرت على الرجال فقط، وسواء كانت بينهم رابطة قرابة أم لا، وعلى هذا الاعتبار فإنّه يُطلق على كلّ فردٍ يَعيشُ بشكلٍ مستقلٍ في المجتمع أو يعيش مع مجموعة من أصدقائه مُسمّى أسرة.
إنّ المفهوم الاصطلاحي الذي أطلقه المفكّرون الأمريكيون على الأسرة لا يَتناسب مع الفِكر الإسلامي الذي يرى أنّ الأسرة هي نواة المجتمع الأولى، والتي تقوم على أساسٍ من المحبّةِ والإخاءِ والتعاطف ومجموعةٍ من النظم والقواعد؛ فهذا المَفهوم الإسلامي للأسرة يتناسب كثيراً مع أصحاب الفكر الاجتماعي، الذين يرون أنّ الأسرة تُطلق فقط على من تربطهم رَوابط اجتماعية مؤلفة من زوجٍ وزوجةٍ وأبناء، وفي بعض الأحيان يُضاف بعض الأقارب إلى الأسرة، كالأخت، والعمّة، والخالة، وغيرها.[٣]
تعريف الأسرةيُمكن استِعراض مجموعة من التعريفات المُختلفة للأسرة، منها:[٤]:[٥]
للتنشئة الأسرية دورٌ كبيرٌ في تنمية وتطوُّر القيم الاجتماعيّة لدى أفراد الأسرة، وخصوصاً الأطفال منهم؛ حيث تقوم الأسرة بدَورٍ فعّال في تشكيل شخصيّة الأبناء المتكاملة، وذلك في مَجال تنمية القيم الاجتماعيّة لديهم، لما لها من أهميّة كبيرة، وتأثير بالغ على سلوكهم، وما يترتّب على هذا السلوك من آثار تنعكس على الأسرة بشكلٍ خاص، والمُجتمع بشكلٍ عام، إيجاباً أو سلباً، والذي يُحدّده أسلوب وطريقة التربية الأسرية التي يتمّ غرسها في الأبناء، ومدى إدراك الأسرة لأهميّة القيم الاجتماعيّة، ودورها في تحديد سلوك الأبناء، والتوافق النفسي والاجتماعي، والمَنفعة التي تعود على جميع أطراف الأسرة.[٦]
خصائص الأسرةترجع أهميّة الأسرة ومكانتها وقيمتها في المجتمع إلى مجموعةٍ من الاعتبارات والتي هي من أهم مقوّمات الأسر الناجحة، وهذه الاعتبارات هي:[٧]
المقالات المتعلقة بمفهوم الأسرة