الدولة المدنيّة هي الدولة التي تحمي كلّ أفرادها، وتضمن الحريّة والمساواة لهم، بغض النظر عن انتماءاتهم القوميّة أو الدينيّة أو آرائهم الفكريّة أو اجتهاداتهم ومذاهبهم السياسيّة، فهي دولة تمثِل كلَّ أبنائها.
قديماً وُجدت أشكال من الحكم المدني وإن لم يسمّى بهذا الاسم، حيث كانت مبادئ مثل الحريّة والمساواة تطرق في أروقة الحكم، وفي بداية تاريخ الدعوة الإسلاميّة نجد صوراً رائعة من مفهوم مدنيّة الحكم في الإسلام، وتعدّ المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وكتابة الوثيقة التي نظّمت العلاقات بين المسلمين في المدينة، وبين المسلمين وغيرهم كاليهود، من أروع صور المدنيّة بل هي تفوق في نظرتها الشموليَّة ما تمخضت عنه المدنيّة الحديثة، وما زالت مقولة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- هاجساً وملهماً لدعاة التنوير، وهي: (متى استعبدتم النَّاس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً).
أُطلقت تسمية الدولة المدنيّة حديثاً بعد انطلاق ثورات الربيع العربي -بحسب ما سُميّت-، وعُرفت بأنّها المقابلة للدولة العسكريّة أو البوليسيّة، وكان الحدّ من سيطرة العسكر على مقاليد الحكم والحياة العامّة من ضمن مطالب الشعوب الثائرة حديثاً، وحُصرت اهتماماتهم في شؤون الحكم ونظامه على الدفاع عن الوطن والحروب وغير ذلك، وترك شكل الحكم ونظامه للشعب بتداوله ضمن مفهوم الدولة المدنيّة، فالدولة المدنيّة تمثِّل كلّ أطياف المجتمع وألوانه، وهناك مبادئ للدولة المدنيّة تمثل أركانها الرئيسيّة، كما أنّ لها وظائف تضطلع بها.
مبادئ الدولة المدنيّةإنّ الدولة المدنيّة إن اعتبرت في شكلها العام ما يقابل الدولة العسكريّة وسطوتها وجبروتها، فيها مجال جيّد لانتظام الحياة العامّة وشؤون الحكم المختلفة، وذلك متى اعتُمدت مبادءها بكل شفافيّة ووضوح ومصداقيّة، وضُمنت فيها حريّة التعددية السياسيّة، واعتُمد فيها مبادئ المهنيّة، وتكافؤ الفرص، ونهج العدل في المحاسبة والتوظيف بعيداً عن الواسطة والمحسوبيّة.
المقالات المتعلقة بمعنى الدولة المدنية