أعلى الإسلام العظيم من شأن المشاعر الإنسانيّة، حيث استطاع الارتقاء بها، وتوظيفها التوظيف الحسن الذي يخدم الإنسان، ويبنيه، ولا يهدمه، وقد حارب الإسلام أيضاً استغلال المشاعر للوصول إلى الغايات الدنيئة، التي قد تؤدي إلى نخر أساسات المجتمع، وإحداث جراحات لا تندمل بين الناس.
ولا شك في أنّ مشاعر الحب هي المشاعر الأسمى التي إن دخلت إلى قلب الإنسان جعلته ينظر إلى الدنيا بعين التفاؤل، والفرح، ويستغل أنفاسه في هذه الحياة بشكل إيجابي، ونافع. ومن هنا فقد اهتمَّ الإسلام بالحب، ووضع تصوره الخاص الذي يُلبي حاجات الإنسان الفطرية، ويرتقي به من الناحية الروحيّة، ويصل به إلى أعلى المراتب في الدنيا والآخرة.
الحب في الإسلامتعتبر نظرة الإسلام إلى الحب أوسع النظرات، وأكثرها عُمقاً، وتلبية لحاجات النفس الإنسانيّة، فالإسلام لم ينظر إلى الحب على أنّه حب رجل لامرأة، أو العكس فقط، بل أضاف إلى هذا النوع ما هو أسمى، وأعظم منه بمرَّات ومرَّات.
على رأس أنواع وأشكال الحب في الإسلام حب الله تعالى للإنسان، ومن أهم المظاهر الجليّة الواضحة لهذا الحب تكريم الله تعالى لبني آدم؛ كنفخ الروح، وسجود الملائكة لأبينا آدم، ومنحه العقل، وتسخير كل ما في الكون له، وتكليفه بحمل الأمانة، وغير ذلك الكثير.
من الأنواع الأخرى المهمة أيضاً هي محبة الإنسان لله تعالى، التي كلما نمت وترعرت في نفس الإنسان نال الخير العظيم والوفير، وازدهرت حياته، وارتقى في منزلته في الآخرة. وقد حثَّت النصوص الإسلاميّة على ضرورة أن يحب الإنسان ربه؛ ويكون ذلك من خلال استذكار نعم الله تعالى عليه، ورحمته به في كل وقت وحين، وما أعده له في الآخرة من ثواب إن هو أحسن، وسار على الطريق المستقيم، وأيضاً من خلال مجاهدة النفس، والمواظبة على الطاعات، واجتناب المُحرَّمات.
النوع الثالث المهم من أنواع الحب في الإسلام، هو حب الإنسان لبني جنسه، ولسائر المخلوقات من حوله، ويشمل هذا الحب: حب الوالدين، والحب المتبادل بين الرجل والمرأة، وحب الأبناء، وحب العائلة، والأصدقاء، وحب الطبيعة، وغير ذلك. وهذا النوع من أنواع الحب ليس قليل الشأن كما يظن كثيرٌ من الناس، بل هو على صلة مباشرة بالأنواع الأخرى؛ فمن أحب خلق الله تعالى، ارتقى في تعامله معهم، ونال بالتالي حب الله جلَّ في علاه.
إن القلوب المليئة بالحب والرحمة هي أقدر القلوب على عرض رسالة الإسلام السمحة، فالله تعالى لم يُنزّل هذه الديانة العظيمة على قلب أرحم الناس سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلا لتشيع مثل هذه المشاعر السامية بين المخلوقات كلها. ومن هنا فإنه يمكن القول إن تربية النشء على الحب، والرحمة، والتسامح، بدلاً من الكره، والظلم، والعدوان على الآخرين دون وجه حق هو السبيل الأمثل للارتقاء بالأمة، والسير بها نحو دروب الرفعة والألق.
المقالات المتعلقة بمعنى الحب في الإسلام