وصف الله تعالى نفسه بعدّة صفاتٍ تدلّ على كماله عزّ وجلّ، فانفرد بها عن بقية المخلوقات، وجاء ذكرها في القرآن الكريم وشرحها النبي محمد صلى الله عليه وسلّم، ومنها: الأحد، والصمد، والرحمن، والرحيم وغيرها، ومن أعظم صفات الله تعالى هي الرحمة والتي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (قدم على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بسَبيٍ. فإذا امرأةٌ من السَّبيِ، تبتغي، إذا وجدتْ صبيًّا في السَّبيِ، أخذتْه فألصقَته ببطنها وأرضعتْه. فقال لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " أَتَرون هذه المرأةَ طارحةً ولدَها في النار؟ " قلنا: لا، واللهِ ! وهي تقدر على أن لا تطرحَه فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " لَلَّهُ أرحمُ بعباده من هذه بولدها")[صحيح مسلم]. وسنذكر في هذا المقال المظاهر التي تجلت في رحمة الله بعباده.
مظاهر رحمة الله بعبادهالرحمة لغةً: الرقّة، والتّعطّف، والرأفة، وما تقع به الرحمة كالغيث، والمطر، والرحمة اصطلاحاً: ايصال المنافع والمصالح إلى العبد وإن كرهتها نفس المعطي، وهي من صفات الله تعالى من محبته لعباده، قال تعالى: (مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) [فاطر: 2]. ومن مظاهر رحمته عز وجل بالعباد:
الرسل والأنبياءوسعت رحمة الله تعالى كلّ شيءٍ وقد كانت أوّلها إرسال الرسل والأنبياء لدعوة الناس إلى طريق الحقّ وتوضيحه لهم ليفوزوا بالجنة، فالله تعالى لا يريد أن يعذّب عباده، ولو أراد إدخالهم جميعاً إلى نار جهنم فلن يمنعه شيء، وإنّما يعطيهم الكثير من الفرص والإرشادات التي تفيدهم في كسب الحسنات، ففتَح لهم باب التوبة لتكون فرصةً لكلّ مسيءٍ، كما وضّح النبي صلى الله عليه وسلّم بأنّه لولا رحمة الله تعالى بعباده لما دخل أحدهم الجنة على الرغم من أعمالهم الصالحة؛ لأنّه أراد عزّ وجلّ مكافأة النِعم التي أنعمها عليهم لما ساوت جميع أعماله نعمة البصر وحدها، ولم تقتصر رحمة الله تعالى بعباده بما منحه إياهم وما أعطاهم وإنّما بما حرّم عليهم أيضاً، فلم يحرّم الله تعالى عليهم إلّا وبهذا التحريم الكثير من الفوائد التي تحمي العباد، فكلّما تقدّم العِلم أثبت أنّ ما هو ممنوعٌ عن المسلمين فيه خيرٌ لهم ومنفعةً وفائدةً عظيمةً.
القرآن الكريمأنزل الله تعالى القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم ليكون دستور المسلمين، وهذا من رحمته عزّ وجلّ بهم فهو لم يتركهم في فوضى عارمةٍ وإنّما وضّح لهم القوانين والأنظمة التي لا بدّ من اتباعها للنجاة في الآخرة، وبذلك سهّل عليهم حياتهم ونظّمها وأعطى لكلّ فردٍ فيها من الحقوق ما يكفل له حياةً كريمةً.
الذرية الصالحة الذرية الصالحة من مظاهر رحمة الله تعالى بعباده فتكون لهم مصدر الفرح، والسرور، والاستمتاع في الدنيا، وعندما تكون صالحةً فإنّها تصبح مصدر سرورٍ في الآخرة وتدخلهم الجنة. الليل والنهاراختلاف الليل والنهار من مظاهر رحمة الله تعالى فجعَل الليل ليسكن إليه العباد ويرتاحون من تعب النهار، ثمّ يأتي النهار ليكون وقت العمل والجدّ والبحث عن الرزق، وفيه يشعر جسم الإنسان بالتعب فيأتي الليل مرّةً أخرى ليرتاح فيه.
الغيث والمطرنزول المطر من رحمة الله تعالى بعباده وبجميع الكائنات الحية، فعندما ينزل المطر على الأرض فإنّه يحيي الزرع فينمو ويكبر وتتغذّى عليه الحيوانات التي يتغذى عليها الإنسان، أو يمكن أن يتغذى الإنسان مباشرةً على النبات والزرع الذي ينمو، ولولا هذا الغيث لما قامت الحياة.
صلة الرحمفالله تعالى أنزل الرحمة في قلوب البشر وجعل التواصل فيما بينهم والشعور معهم ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم من الأمور المتعلقة بالعرش، وبذلك يلبي الإنسان مطلبه الفطريّ في الاجتماع.
المقالات المتعلقة بمظاهر رحمة الله بعباده