مرض الشرايين المحيطية

مرض الشرايين المحيطية

مرض الشرايين المحيطية Peripheral Artery Disease (PAD)

بقلم: أ.د. محمد لبيب سالم

أستاذ المناعة - كلية العلوم

مدير مركز التميز لأبحاث السرطان

جامعة طنطا - مصر

د. عادل صلاح بقوش

ممارس عام – مستشفى شبراملس -مصر

مرض الشرايين المحيطية هو مرض ناجم من مضاعفات مرض تصلب الشرايين Atherosclerosis . حيث يؤدى تراكم الكولسترول الضار ((LDL على جدار الأوعية الدموية إلى ضيق الشرايين الكبيرة والصغيرة مما يعيق تدفق الدم للأطراف مما يؤدي إلى قلة الإمداد الدموي اللازم للأنسجة خاصة مع المجهود العضلي وقد تزيد هذه التضيقات لتصبح الأنسجة تعانى حتى أثناء فترات الراحة. وبمقدور الخثرات الدموية إضافة المزيد من الأضرار بزيادتها لهذه التضيقات .

ويشيع مرض الشرايين المحيطية فى الأطراف خاصة فى الارجل اكثر من اى جزء اخر بالجسم . واكثر المناطق عرضة للاصابة هى الشريان الأورطي وفروعه وبالاخص شرايين الفخذ وباطن الركبة ( femoral and popliteal arteries) و شريان الظنوب أو عظم الساق الأكبر (Tibial artery) ويندر حدوث مرض الشرايين المحيطية لدى الشباب، إلا أنه يشيع لدى كبار السن ممن تجاوزوا سن الأربعين . ويعد معدل انتشار المرض عالمياً بين 3 إلى 12 % ويبلغ عدد المرضى المصابين فى أمريكا وأوربا بهذا المرض نحو 27 مليون شخص ويقدر عدد الحالات التي تستدعى الدخول للرعاية داخل المستشفيات نحو 413000 حالة سنوياً من مرض الشرايين المحيطية .

أسباب مرض الأوعية الدموية المحيطية:

وبما أن هذا المرض شكل من أشكال تصلب الشرايين، فإن غالبية عوامل الخطر المسببة لأمراض القلب تزيد أيضا من احتمالات الإصابة به مثل : ( التدخين - ارتفاع ضغط الدم - مرض السكر - مستويات الكوليسترول العالية بالدم - السمنه ) إلا أن هناك بعض الفروقات، فعلى وجه الخصوص يؤثر نوع العرق البشري - فالامريكان والافريقين - أكثر عرضة لحدوث المرض و الرجال أكثر عرضه من النساء لحدوث المرض وتزيد نسبة الإصابة مع تقدم العمر وفى العائلات التي تنتشر فيها الأمراض القلبية .

الأعراض:

قد لا تظهر على الكثير من المصابين بمرض الشرايين المحيطية أي أعراض له إطلاقاً. إلا أن تشخيصه وعلاجه مبكراً ذو أهمية قصوى لأن المصابين بهذا المرض ربما توجد لديهم حالة تصلب الشرايين في شرايين أخرى من الجسم مما يزيد من فرص الإصابة لحدوث نوبة قلبية أو سكتة دماغية، و يطلق على الأعراض المبكرة والأكثر شيوعاً لمرض الشرايين المحيطية اسم «العرج المتقطع» (intermittent claudication) ويعاني المصابون به عادة من ألم عضلي ناجم عن تقلص في العضلات، إلا أن أعراض هذا المرض قد تظهر على شكل تنميل، وخز، وهن أو إجهاد. ومهما كان شكل الأعراض فإن العرج يظهر عندما لا تتمكن العضلات من التزود بما يكفيها من الأكسجين.. يظهر العرج أثناء إجراء التمارين، ويذهب بعد دقائق من الراحة. والأشخاص المصابون بانسدادات خفيفة يمكنهم المشي لمسافات طويلة قبل أن تظهر الأعراض، إلا أن المصابين بحالات شديدة من مرض الشرايين المحيطية قد يعانون من الألم بعد المشي لعدة أمتار فقط. ويعتمد موقع الألم على موقع الانسدادات.

أكثر الأعراض أهمية هي الأعراض التي تظهر أثناء الراحة. وهي تظهر عندما تكون الانسدادات شديدة جدا بحيث لا تستطيع العضلات، أثناء ارتخائها، الحصول على كميات كافية من الأكسجين. وأكثر هذه الأعراض شيوعا هي آلام القدم. وفي البداية تكون الآلام متعبة جداً عندما تكون الرجل مرفوعة، خصوصاً عند الاستلقاء في الفراش ليلاً. ولكن، إن أخذ المرض في التطور فإن الألم سيكون متواصلاً ولن يكون بالإمكان تخفيفه بالجلوس أو الوقوف، كما قد تظهر لدى المصابين بحالات متوسطة إلى شديدة م ن مرض الشرايين المحيطية تقرحات أو مشكلات جلدية أخرى في القدم والرجل.

أخطر الأعراض تعرف باسم «نقص التروية الطرفي » critical limb ischemia. تتمثل في حدوث أضرار في الأنسجة بسبب انعدام وصول الدم والأكسجين. وفي حالات مرض الشرايين المحيطية فإن هذه الأعراض يمكنها أن تظهر نتيجة انسداد في شريان متضيق تؤدى لحدوث الغنعرينا أو بتر الاطراف. ونقص التروية الطرفي هو حالة إسعافية حقيقية تتطلب معالجة فورية لدرء حدوث الغرغرينا أو بتر الأطراف أو الوفاة. ورغم أن وجود أعراض الألم أثناء الراحة هي حالة أقل إلحاحا من الناحية الإسعافية فإنها تتطلب أيضا إجراء عمليات وعائية (إما عملية جراحية أو عملية لإزالة التضيقات في الشرايين ووضع دعامات فيها). إلا أن المصابين بالعرج المتقطع بمقدورهم الاستجابة بشكل جيد للعلاج، وذلك بتغيير نمط حياتهم سوية مع تناولهم للأدوية، ولذلك فإن التشخيص والعلاج المبكرين مهمان جدا.

التشخيص:

لتشخيص احتمال الإصابة بمرض الشرايين المحيطية، يفحص الطبيب نبضات المريض. ورغم أن عضلات الرجل تغطي الشرايين فإن الطبيب يستطيع رصد النبضات في أعلى القدم، وفي الكاحل، وخلف الركبة، وفي منطقة تلاقي الفخذين. ومن المهم أن يفحص الطبيب النبضات في كلا الرجلين، وأن يفحص مناطق الجلد. وفي حالة مرض الشرايين المحيطية فإن الجلد لا يستلم ما يكفيه من الدم المشبع بالأكسجين. ومع الزمن فإن الجلد يصبح باردا ورقيقا ولامعا، فيما يضمحل نمو الشعر. ويخضع المصاب لفحص للدم لتحديد مستوى الكولسترول وسكر الدم ووظائف الكلى. (2)

مؤشر الكاحل والعضد ankle brachial index  : هو الفحص الوحيد الذي يستعمل لتشخيص مرض الأوعية الدموية المحيطية. يقارن هذا الفحص ضغط الدم في كاحلك مع ضغط الدم في ذراعك. إذا كان ضغط الدم في الجزء الأسفل من رجلك أقل من الضغط في ذراعك، فمن الممكن أن تكون مصاباً بمرض الأوعية الدموية المحيطية.

يمكن إجراء فحوصات أخرى لتشخيص مرض الأوعية الدموية المحيطية :

  • تخطيط الأوعية الدموية Angiogram: يحقن التلوين بالأوعية الدموية وتستعمل القثطرة مع الأشعة السينية لتبين ما إذا كانت الشرايين متضيقة أو مسدودة.
  • الموجات فوق الصوتية ultrasound: يستعمل هذا الفحص موجات صوتية لإخراج صور للأوعية الدموية على شاشة مراقبة.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي فحص MRI : يستعمل تكنولوجيا خاصة للمسح التصويري للبحث عن إنسداد في الأوعية الدموية.

العلاج:

  • إذا كان المرض في مراحله الاولى يتم العلاج بالادوية مع معالجة العوامل المسسبه لتصلب الشرايين .أما إذا كان المرض فى مراحله المتأخرة قد يتم أحياناً اللجؤ إلى التدخل الجراحي .
  • إن الأشخاص المصابون بمرض الأوعية الدموية المحيطية معرضون لخطرمتزايد جداً بإصابتهم بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لذلك، إنه من المهم جداً معالجة عوامل الخطر لمرض القلب والأوعية الدموية :
  • الإقلاع عن التدخين - علاج مرض السكري- السيطرة على ضغط الدم - زيادة النشاط البدني ( التمارين الرياضية التى يصفها الطبيب بنمط خاص) - تخفيض الوزن - انخفاض استهلاك الدهون المشبعة - انخفاض الكولسترول الغذائي- العناية بالقدم .

الأدوية :

  • أدوية لخفض مستوى الكوليسترول بالدم  : يجب خفض مستوى الكولسترول منخفض الكثافة (LDL) يجب ألا يزيد عن 70 ملغم لكل ديسيلتر ويستفيد غالبية المرضى من أدوية الستاتين Statins لتحقيق هذه الأهداف. كما ان العلاج بالستاتين يقلل من خطر النوبة القلبية والسكتة الدماغية لدى المصابين بمرض الشرايين المحيطية.
  • أدوية لتحسين الاعراض للحد من الم الساقين : تقوم هذه الادوية بزيادة التدفق الدموى للاطراف وبتوسيع الأوعية الدموعية والمساعدة فى منع تكون الخثرات الدموية وفى هذا الصدد يوصف دواء سيلوستازول cilostazol الذي يبدو أكثر فاعلية من دواء قديم هو بنتوكسيفلين pentoxifyllin
  • أدوية مضادة لتخثر الدم : ان مرضى الأوعية الدموية المحيطية اكثر عرضة لتكوين خثرات دموية قد تؤدى لمزيد من الضرر . ويوصي الأطباء بتناول الأسبرين من الجرعات الصغيرة يوميا، أو دواء «كلوبيدوغريل» clopidogrel كبديل لأولئك الذين لا يمكنهم تناول الأسبرين .

الجراحة :

بعض المصابين بحالات معتدلة إلى شديدة من مرض الشرايين المحيطية ربما يكونون بحاجة إلى علاج لإعادة تدفق الدم إلى أرجلهم وذلك عن طريق :

  • توسيع الشرايين الدموية Angioplasty  : تدعى توسيع الأوعية الدموية بالبالون هي عملية يجري فيها إدخال أنبوب صغير متصل ببالون في الشريان ؛ ثم يجري نفخ البالون ليفتح الشريان المتضيق. يمكن ترك دعامة stent في المكان على بقاء الشريان مفتوحاً.
  • تحويل مجرى الشريان Artery bypass: ان لم تنجح العملية السابقة فإن الأطباء يلجأوون إلى صنع مجاز مواز للشريان المسدود، وذلك بعد استخلاص جزء من وريد من المريض أو توظيف وعاء صناعي لعمل هذا المجاز، بحيث يتدفق الدم فيه بدلاً من الوعاء المسدود.

الأبحاث الحديثة :

العلاج بالخلايا الجذعيه  :

ونظراً للحالة الصحية للعديد من المرضى لا تسمح بالتدخل الجراحى للحالات المعتدلة والشديدة من مرض الشرايين المحيطية كان لابد من البحث عن علاج آمن وفعال لهؤلاء المرضى. ويعد العلاج بالخلايا الجذعية أمل واعد لمرضى الشرايين المحيطية .

تؤخذ الخلايا الجذعية الراشدة Adult stem cell من النخاع العظمى للمريض وتجرى على هذه الخلايا الجذعية بعض المعاملات الطبية المعملية بهدف زيادة عددها ثم يتم حقنها فى الأوعية الدموية المتضررة حيث تعمل الخلايا الجذعية على تكوين أوعية دموية جديدة Angiogenesis من شأنها تحسين تدفق الدم إلى الأنسجة المتضررة Ischemic tissues وبالتالى التخفيف من الاعراض وزيادة مسافة المشى وإنقاذ المريض المصاب من بتر الساق. وبالفعل تم تجربة هذه النوع من العلاج علي كثير من المرضي في العالم بما فيها مصر وقد اظه هذا النوع من العلاج الخلوي قدرة كبيرة علي تحيد المرض دون اللجوء إلى بتر الأطراف. وفي القريب سوف ينتشر هذا العلاج خاصة أنه من السهولة الحصول علي اعداد كبيره من الخلايا الجذعيه من الدم وليس نخاع العظم وذلك بعد الحقن بعلاج محافظ لتكوين هذه الخلايا في نخاع العظم وانتقالها إلى الدم في خلال 3-5 أيام مما يقلل من احتياج المريض إلى عملية بذل النخاع.

نصائح وإرشادات للمرضى:

يتوجب على مرضى الضغط والسكر – الفئة الأكثر عرضه لمرض الشرايين المحيطية – اتباع نظام فى التغذية والحياة اليومية وذلك للوقاية من حدوث المرض والوقاية من النوبات القلبية والسكتة الدماغية وايضا تعتبر الخطوات الاولى للعلاجإذا حدث المرض وذلك من خلال :
  • الإمتناع عن التــدخين : الإمتنــاع على التـدخين يؤدي لتوقف نمـو مرض الشريان المحيطي .
  • اتبــاع نظـــام غــذائي صحي : من خلال تناول الأطعمة تحتوى على ألياف وخاصة الأطعمة النباتية مثل الخضراوات والفاكهة ، التقليل من الأطعمة الدهنية والتى تحتوى على نسبة عالية من الكوليستيرول واللحوم . سوف يساعد ذلك فى خفض مستويات الكولسترول والـدهون الأخرى في الــدم ويعمل أيضاً على التحكـــم فى ضغط الــدم .
  • المتابعة الجيدة لمرض الضغط والسكر .
  • ممارسة تمارين رياضية نظــــامية : تســاعد العضلات على استخـدام الأكسجين بشكل مناسب مما يعمل زيادة مسافة المشى التى ينتج عنها الألم .و يجب ممارسة التمارين الرياضية حسب وصايا وبرامج التمارين الرياضية الـذي سيعده الطبيب المعالج.
  • العناية بالقدم واستشارة الطبيب حال حدوث أي إصابات بالقدم خاصة لمرضى السكر.

د. محمد لبيب سالم

د. عادل بقوش

المقالات المتعلقة بمرض الشرايين المحيطية