مدينة تلمسان تحمل لقب لؤلؤة المغرب الكبير، حيث تقع في الجزء الشمالي الغربي في الجزائر، وتعتبر المركز الإداري لولاية تلمسان، وتمتد مساحتها إلى أكثر من 9061 كم²، وترتفع فوق مستوى سطح البحر بنحو 842 م. وتبعد عن العاصمة نحو ستمائة كيلومترٍ، وتحدّها من الجهة الجنوبية قمم جبال الأطلسي، وبحكم موقعها الجغرافي القريب من البحر الأبيض المتوسط تتأثر بالمناخ الجاف، وساهم ارتفاعها الشاهق بتجنيبها الرطوبة، ويوصف هواءها بالمعتدل. وتعتبر المدينة واحدة من المدن القديمة القائمة في الجبال الداخلية للجزائر، وهي من المدن الحدودية مع المغرب، وتأتي بالمرتبة الثانية على مستوى الجهة الغربية بعد وهران.
تسمية تلمسانتعددّت الآراء حول السبب في تسمية المدينة، فقيل بأنّها مؤلفة من كلمتين أمازيغيتين، هما: تلم، سان، ويشير معناها إلى اثنين، أمّا وفقاً لرأي جورج مارصي فإنّ اسم المدينة بالأصل تالا يمسان، ومعنى تالا (عند المنبع)، ويمسان يشير إلى كلمة (الجفاف)، وبذلك يصبح معنى الكلمة المنبع الجاف. كما يشير التاريخ إلى أنّ المدينة حملت عدة مسميّات على مر التاريخ، ومنها: بوماريا، وأغادير، وتقرارات، أمّا الألقاب فعرفت بلؤلؤة المغرب الكبير وعروس المتوسط، بالإضافة إلى حملها لقب مدينة الفن والتاريخ نظراً لازدهارها بالمواقع الطبيعية والتاريخية.
مدينة تلمسان قديماًيرجع الفضل في تأسيس المدينة إلى الرومانيين، فقد أقاموها في القرن الرابع عشر الميلادي، وأصبحت بعد ذلك بمثابة مستعمرة رومانية متميزة، وشيّدوا فيها كنيسة رومانية كاثوليكية كبيرة قبل أن تتعرض لغزو الفنداليين الأوروبيين، وبقيت تحت سيطرتهم إلى أن فتحها المسلمون في القرن الثاني الميلادي عام 708م، وتحوّلت المدينة وأصبحت مقراً لأتباع المسيحية الذين عادوا إليها بعد الفتوحات الإسلامية.
يعتبر القرن الحادي عشر بمثابة نقطة انطلاقة للمدينة في التاريخ الإسلامي، وخاصةً في عهد دولة المرابطين، إذ أصبحت المدينة خلال هذه الفترة مركزاً تجارياً بارزاً، ويشار إلى أنّ موقعها المطل على البحر المتوسط جعل منها ميناءً في غاية الأهمية، ونظراً لذلك فقد اتخّذ الملك عبد الودود الزناتي من مدينة تلمسان عاصمةً لمملكته وتمكنت مملكة تلمسان من فرض سيطرتها على مختلف جبال أطلس في الجزائر وصولاً إلى حدود تونس في القرن الخامس عشر الميلادي، فتعرضت المدينة للغارات من مختلف المناطق المحيطة بها فكانت مدينة فاس المغربية من أوائل المعادية لها.
خضعت المدينة بعد ذلك إلى سيطرة المرينين واستعمارهم فأقاموا الحصون والقلاع، وشيدوا مدينة المنصورة القريبة من مدينة تلمسان القديمة، إلّا أنّ أهالي تلمسان حرقوا مدينة المنصورة ودمروها عن بكرة أبيها ولم يبقَ منها سوى بعض الآثار. ورجعت مدينة تلمسان تحتل مكانة مرموقة في التاريخ الإسلامي بعد انهيار الأندلس، إذ توافد إليها عددٌ كبير من أهالي قرطبة وغرناطة.
تشير سطور التاريخ إلى أن المدينة قد تعرضت للغزو الإسباني، وفرضوا سيطرتهم على منطقة المغرب العربي كاملاً، وبذل الإسبان قصارى جهدهم في تنصير المدينة ومنحها الطابع الكاثوليكي إلّا أنّ العثمانيين قد تصدوا لهذه الحملة من خلال سيطرتهم على المدينة في عام 1553م، وحصلت المدينة بفضل ذلك على الاستقلال النسبي عن منطقة الباب العالي العثماني في عام 1671م. وفي عام 1844م، عاودت المدينة الخضوع للاستعمار مرة أخرى إلّا أنّ هذه المرة للاستعمار الفرنسي، وبقيت كذلك حتّى الستينيات من القرن العشرين، حيث استقلت الجزائر كلياً، وأصبحت مدينة تلمسان من ضمن المدن الجزائرية.
المقالات المتعلقة بمدينة تلمسان قديماً