محتويات
مدينة بوماريا
بوماريا هي مدينة رومانيّة قديمة، وتعني المراعي، سمّيت بهذا الاسم لكثرة الأشجار والمراعي فيها، يعود تاريخ سكنها إلى عام 222م، وقد اكتمل بناؤها عام 235م، حيث تقوم على أطلال مدينة بوماريا اليونانيّة في يومنا هذا مدينة تلمسان لؤلؤة المغرب الكبير.
بوماريا في عهد الرومان
جعل الرومان من مدينة بوماريا ثغراً محصناً لهم، فقد كانت مسكناً لحامياتهم العسكريّة منذ بدايات القرن الثالث للميلاد، ولم تذكر الكتب والمراجع التاريخيّة اسم المدينة القديم، لأنّها بفضل موقعها الجغرافي الساحر والمتميّز أقدم من الوجود الروماني عليها، حيث يرجح المؤرخون أنّ اسم بوماريا ما هو إلا ترجمةً لاسمها البربري القديم الذي كانت تطلقه عليها القبائل البربريّة التي سكنت المنطقة قبل مجئ الرومان إليها.
الآثار المتبقية من بوماريا
لم يتبق من مدينة بوماريا سوى آثار قليلة، وهي عبارة عن بقايا سورمحاط بالحجارة الملقاة بشكلٍ عشوائي، حيث استخدمت بعض تلك الحجارة لتشييد الجزء السفلي من المئذنة التي أمر الأمير يغمراسن بن زيان ببنائها في القرن السابع للهجرة إلى جانب ما تبقى من مسجد أقادير القديم، وتظهر هذه الآثار الرومانيّة أنّ بوماريا كانت تضم عدداً من المنازل ومعسكرات للجند الرومانيين، إضافةً لإسطبلات للخيل ومخازن وسوق، وغيرها من المرافق الموجودة في المدن.
أهميّة بوماريا
كان لبوماريا دورٌ مهم في الاستراتيجيّة العسكريّة للرومان في المنطقة الشماليّة الغربيّة لقارة إفريقيا، حيث كلّفت بتأمين الطريقين المؤديين إلى طنجة موريطانيا الطنجيّة، فكان الطريق الأوّل يخترق الجبال والسهول الشماليّة، مروراً بمنطقتي وجدة وشرشال، أمّا الطريق الثانية فكانت باتجاه الجنوب نحو ورجلان، ثم تسير باتجاه الغرب إلى طنجة، حيث يلتقي الطريقان في مدينة بوماريا التي اعتبرت الممرّ الوحيد بين الغرب والشرق، ولهذا السبب قام الرومان ببناء حصن منيع فيها، حشدوا فيه جيوشهم في محاولةٍ منهم في بدايةً لصدّ غارات قبائل زنانة البربريّة، وتحوّل هذا الحصن بشكلٍ تدريجي فيما بعد إلى مدينة قاموا بإعمارها وتزيينها بعد أن استقرّوا في المنطقة، وتحديداً في عهد القيصر الروماني سيفر إسكندر.
قام الرومان بجلب المياه العذبة إلى مدينة بوماريا من خلال قنوات ينتهي بعضها في وادي الوريط على شكل شلال، ويطلق سكّان مدينة تلمسان في الوقت الحالي على هذه القنوات اسم ساقية الرومي، وجاء ذكرها في قصيدة ابن خميس، حيث قال: لساقية الرومي عندي مزيةٌ
وإن رغمت تلك الرواسي الرواشح
فكم لي عليها من غدوٍ وروحةٍ
تساعدني فيها المنثى والمنائح
ارتبطت المدينة بالمدن الساحليّة والشماليّة من خلال طرق أخرى غير الطريقين اللذين يلتقيان فيها، ومن أهم تلك الطرق ذلك الطريق المؤدّي إلى سيجة بمصبّ نهر التافنة، وطريق مرسى الآلهة أو ما يسمّى بطريق وهران المؤدّي إلى الميناء الكبير آرزيو، والتي كانت تسمّى بورتوس ماغنوس، مروراً بعين تموشنت، وفي شمال المدينة فقد عثر على طريق الغزوات الذي سمي ميناء، والذي كان معروفاً باسم آد فراترس.
سقوط بوماريا
كانت نهاية مدينة بوماريا على يد الوندال الذين قاموا بغزوها والسيطرة عليها، وقد خلفوا وراءهم الخراب والدمارفيها، وبعدها قاموا بالزحف باتجاه الشرق نحو نوميديا وذلك عام 617م، أي في نهاية القرن السابع للميلاد.
المقالات المتعلقة بمدينة بوماريا