عمّ النور والهدى كوكب الأرض بميلاد سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم-، فهو الإنسان الوحيد الذي اصطفاه الله جلّ وعلا ليكون رحمةً وهدى لجميع البشر، كما وصفه عزوجل في كتابه الكريم: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، فهو الذي أخرج البشرية من ظلام الجاهلية التي كانت غارقةً فيه إلى نور الهدى والإيمان، ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أن جعلنا من أمّة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، الذي لولاه لبقيت البشرية غارقةً في الجاهلية والفساد والرذائل.
وهو نبي الله الذي عُرف بجسارة قلبه وشجاعته في الدفاع عن رسالته والتصدّي بكل قوة لجهالات وكفر قومه في ذلك الوقت، وهو أعظم الخلق خُلُقاً وخَلقاً، فكان عليه الصلاة والسلام يتحلّى بجميع الأخلاق الحميدة، كما قال عنه عزّ وجل (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ). كما أنّ فيه من الحسن ما لا يمكن أن يوجد في أي رجل في هذا العالم، فيكفينا فخراً أنّنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، والحديث عن منزلته، ومكانته، وكمال خُلقه وحسنه طويلٌ جداً ولا يمكن أن نختصره في هذا المقال.
ولد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في 12 من ربيع الأول من عام الفيل، أي في عام 570 م، وأمّه كانت من بني زهرة وهي آمنة بنت وهب، أمّا أبوه فهو عبدالله بن عبدالمطلب، وينتمي أصل سيدنا محمد عليه الصلاة السلام إلى سيدنا اسماعيل عليه السلام.
ونسب عبدالله والد الرسول –صلى الله عليه وسلم- هو عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهو هاشمي قرشي، ولد عام 81 قبل الهجرة أي عام 544م، وكان يلقب بـ (أبو قتم) و(أبو أحمد)، وكان قد تزوّج من آمنة بنت وهب بن زهرة بن كلاب والتي خطبها له والده عبدالمطلّب من عمّها الذي كانت تعيش تحت رعايته، ولما تمّ هذا الزواج أقام عندها ثلاثة أيام كما كانت العادة السائدة لديهم آنذاك.
وفي إحدى الأيام خرج عبدالله مع قافلة للتجارة بأموال قريش والتي كانت متّجهة من مكة المكرمة إلى الشام وبالتحديد إلى غزة، وعندما كانت هذه القافلة في طريق عودتها من الشام مرض عبدالله، حتّى إذا ما وصل إلى المدينة المنورة ذهب إلى أخواله بني النجار للمكوث عندهم ريثما يشفى من مرضه ليتمكن اللحاق بالقافلة في ما بعد، إلا أنّ حالته ازدادت سوءاً وتوفي في في المدينة المنورة عن عمر يناهز الـ 25 عاماً، وكان ذلك في عام 53 قبل الهجرة، أي 571م، مخلفاً وراءه خمسة من الجِمال، وقطعة غنم، وجارية حبشية تكنّى بأم أيمن واسمها (بركة)، وكان قد دُفن في دار تدعى بـ (دار النابغة)، وكانت آمنة زوجته حاملاً في الشهر الثاني بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام، ولمّا سمعت بخبر وفاة زوجها حزنت حزناً شديداً ورثته بقولها:
عفا جانبُ البطحاء من ابن هاشم
وجاور لحدًا خارجًا في الغماغم
دعته المنايا دعوةً فأجابها
وما تَرَكَت في النّاس مثل ابن هاشم
عشيّةً راحوا يحملون سريرَه
تعاورَه أصحابه في التزاحم
فإن يكُ غالته المنايا وريبها
فقد كان معطاءً كثيرَ التراحم
المقالات المتعلقة بمتى توفي والد الرسول