متى توفي الجاحظ

متى توفي الجاحظ

لا يكاد يخفى على أيّ قارئ باللغة العربيّة عنواين كتب مثل البخلاء أو الحيوان أو البيان والتبيين للجاحظ، وتصاحب تلك الكتب دائماً صفة الفكاهة مع الرؤية الثاقبة. إنّ تلك الكتب وغيرها للجاحظ تعدّ غيض من فيض من المؤلّفات العربية الهامة التي كوّنت المكتبة الفكرية العربية في عصر شهد ازدهاراً في الدولة الإسلامية زامنه الجاحظ هو وغيره من العلماء والأدباء.

الجاحظ هو أحد أهم الأدباء العرب في العصر العباسي، وقد ولد في مدينة البصرة في عام مائةٍ وتسعةٍ وخمسين هجريّة، واسمه أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الليثي. اختلف العديد من الناس حول نسب الجاحظ فمنهم من قال بأنّه من الزنج وأنّ جده كان أحد موالي بني كنانة وذلك لسمرة بشرته، ومنهم من أخذ بما قاله الجاحظ عن نفسه بأنّه عربيّ من بني كنانة. أمّا سبب تسميته بالجاحظ فيرجع لوجود نتوء في حدقتيه، وقد لقّب أيضاً بالحدقي لذات السبب، وتوفّي الجاحظ في مدينة البصرة في عام مائتين وخمسةٍ وخمسين من الهجرة النبوية، الموافق لثمانمائة وثمانية وستين ميلادية، وقد قارب على التسعين سنة، ويحكى أنّ سبب وفاته كان وقوع رف من الكتب عليه؛ حيث كان جالساً في مكتبته الخاصة يطالع.

عاصر الجاحظ العديد من الخلفاء من بني العبّاس منهم هارون الرشيد وولديه الأمين والمأمون، ومن بعدهم المعتصم ثمّ الواثق والمتوكّل، وشهد عصر أولئك الخلفاء ظهور العديد من الأفكار والاتّجاهات العقليّة في الفكر الإسلامي، كان الجاحظ أحد أدبائها؛ حيث كان من مفكّري المعتزلة الذين كانت لهم العديد من الإسهامات العلميّة والأدبيّة الحداثية في تلك المرحلة. وبالإضافة إلى ثقافة الجاحظ العربية فإنّ نشأته في البصرة أتاحت له فرصة القرب من الثقافتين الهنديّة والفارسية، ويبدو أنّ الجاحظ كان على دراية باللغة الفارسية؛ حيث إنّه أورد منها بعض النصوص في مؤلفه المحاسن والأضداد، وعمل الجاحظ في خدمة الخليفة المأمون؛ حيث تولّى ديوان الرسائل، وهو الأديب الألمعي الذي كان أحد عظماء الكتابة في تلك الفترة، كما أنه عمل في التدريس في بغداد.

كان الجاحظ كثير القراءة وذو نهمٍ دائم إلى المطالعة، واستمرّ كذلك إلى ساعة وفاته، إلّا أنّه كان يرى أنّ القراءة وحدها لا تكفي الإنسان للتعلّم، وأنّ عليه أن يتتلمذ على يد أستاذ، وقد تتلمذ الجاحظ على يد العديد من العلماء الّذين جاء على ذكرهم في العديد من مؤلفاته، ونذكر منهم: الأصمعي، وأبو زيد بن أوس الأنصاري، والأخفش، والكندي، وثمامة بن الأشرس النميري.

المقالات المتعلقة بمتى توفي الجاحظ