جعل الله لنفسه جلّ و علا بيوتاً ليعبده النّاس فيها و سمّاها سبحانه مساجد ، و كان أوّل مسجدٍ وضعه الله سبحانه في الأرض هو المسجد الحرام بمكّة ، و بعده بأربعين سنةٍ بني المسجد الأقصى ، و قد رفع قواعد البيت سيّدنا إبراهيم و إسماعيل عليهما السّلام ، و بقي البيت الحرام يعبد الله فيه حتّى جاءت أقوامٌ انحرفوا عن منهج التّوحيد فعبدوا الأصنام التي جعلوها حول الكعبة بل و داخلها ، و حين فتح الرّسول صلّى الله عليه و سلّم مكّة كسر الأصنام و أزاح الشّرك و طهّر البيت الحرام ، و قد أراد أبرهة الحبشي السّوء بالبيت الحرام و بيّت النّية لهدم الكعبة فجاء مع رجاله على الأفيال و توجّه تلقاء الكعبة ، و كان العرب آنذاك لا طاقة لهم بمواجهته ، فوكّلوا الأمر إلى الله سبحانه الذي ردّ كيد الكفّار إلى نحورهم و أرسل عليهم عذاباً من السّماء حجارةً من سجيلٍ منضودٍ فجعلهم كعصفٍ مأكولٍ .
و قد توجّه المسلمون في بداية الدّعوة قرابة ثلاثة عشر شهرا نحو بيت المقدس و اتخذوها قبلةً ، و قد رأى الله سبحانه حرص نبيه محمّد عليه الصّلاة و السّلام على اتخاذ الكعبة قبلةً ، فالنّبي حريصٌ على مخالفة اليهود الذين كانوا يتوجّهون نحو بيت المقدس في صلاتهم ، حتّى أنّه كان حين يصلي لبيت المقدس يجعل الكعبة بين يديه ، ثمّ حقّق الله لنبيه مراده و غايته فأمره بتحويل القبلة نحو الكعبة لتكون قبلةً للمسلمين كافة ، فبقيت كذلك إلى يومنا هذا .
و قد فضّل الله الصّلاة في البيت الحرام و جعلها مضاعفةً عن ما سواها ، فالصّلاة فيه تعدل مائة ألف صلاة عن ما سواه ، و قد بارك الله مكّة و جعلها حرما آمناً ، حتّى إنّ الدجال الذي يخرج في آخر الزّمان لا يستطيع دخول مكّة و المدينة فعليهما ملائكةً تحرسها منه ، و إن كان من علامات السّاعة أيضاً أن تهدم الكعبة على يد رجلٍ حبشيٍّ وصفه الرّسول الله صلّى الله عليه و سلّم بذو السويقتين ، فعلى المسلمون دوماً الحفاظ على مقدساتهم و الذّود عنها بكل ما يستطيعون اعذارا إلى الله سبحانه ، فأمّةٌ لا تحمي مقدساتها أمّة لا تستحق الحياة .
المقالات المتعلقة بما هي قبلة المسلمين