تشكّل التّربية بجوانبها المختلفة و مجالاتها المتنوّعة قضيّةً أساسيّةً لنهوض المجتمعات المعاصرة و رفعتها ، و جعل أفرادها قادرين باستمرار على العطاء و البذل بالاستناد إلى المعرفة و التّربية الأصيلة في نفوسهم و المكتسبة بأدوات التّعليم المختلفة عن طريق المربّين و الموجّهين و المعلّمين ، فالتّربية لغةً هي من ربا أي زاد و نما ، و في الآية الكريمة قوله تعالى ( فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت و ربت ) ، أي أنبتت الزّرع و أحياها الله من بعد موات و بوار ، و في آية اخرى ( و لكن كونوا ربّانيين بما كنتم تعلّمون الكتاب و بما كنتم تدرسون ) ، فأطلق الله سبحانه و تعالى لفظ الرّبانيين على كلّ إنسانٍ يعلم إنساناً و يتعاهده بذلك منذ الصّغر ، أمّا التّربية اصطلاحاً فهي تشمل كلّ الأعمال و العمليات التي يقوم بها أفرادٌ معيّنون مؤهّلين لذلك باستخدام أدواتٍ مختلفةٍ لتنمية قدرات الإنسان الخلقيّة و النّفسيّة و الجسديّة و تنميتها و تطويرها باستمرار لتكتمل تلك القدرات في صورةٍ تجعل الفرد قادراً على التّكيّف و التّفاعل مع مجتمعه ، و قادراً على العطاء و البذل و تأدية واجباته اتجاه مجتمعه و أمّته .
و هناك مفاهيم للتّربية تتعلق بالفرد حيث يتم تنمية مهاراته و تزويده بالمعرفة اللازمة حتى يجاري العصر و متطلباته و مسؤولياته و يطلق على ذلك التّربية الفرديّة ، و هناك التّربية التي تتعلق بالمجتمع و تسمّى التّربية المجتمعيّة و هي التّربية التي تتعلّق بتزويد الفرد بمتطلبات التّكيف مع مجتمعه بتعليمه أنماط السّلوك الاجتماعي المناسب و تزويده بالخبرات و المعرفة عن تاريخ مجتمعه و حضارته و أساليب العيش فيه و عادات أفراده و تقاليدهم ، و هناك تربيةٌ مثاليّةٌ تقوم أساساً على إطلاع الفرد على نماذج مثاليّةٍ لأفراد ناجحين في حياتهم و الإقتداء بهم ، و السّعى للوصول للمثل العليا في المجتمع ما أمكن ، و قد عبّر بعض العلماء كالفارابي عن ذلك المفهوم في كتبهم و خاصة كتاب المدينة الفاضلة .
و هناك خصائص للتّربية منها أنّها عمليّةٌ تكامليّةٌ بين ثلاثة أطراف المربّي و الطرف الذي يتم تربيته و تعلميه و الوسط التّربوي الذي تتم فيه العملية التّربويّة ، و من خصائصها كذلك الاستمراريّة ، فالتّربية هي عمليةٌ مستمرةٌ لضمان استمرار حصول الفرد على المعرفة و العلم حتّى الوصول للهدف المنشود .
المقالات المتعلقة بما هي علوم التربية