من أهم النقاط التي تلتقي عندها الأديان هي إبراهيم – عليه السلام -، فلا تخلو ديانة سماوية من احترام وتوقير هذا النبي العظيم، فالجميع يدعي الانتساب إليه والتعلق به، لما له من أثر عظيم على هذه البشرية، فإبراهيم – عليه السلام – تعدى كونه مجرد نبي ورسول من الله، لكونه رمزاً بشرياً لحرية العقل والانفتاح وعدم الجمود ومخالفة الشهوات وعدم الانصياع لأحد مهما كانت الظروف ومهما كانت الأسباب. فاليهود والمسيحيون والمسلمون على حد سواء يمتلكون قصة إبراهيم كاملة بكافة أحداثها مع اختلاف طفيف في التفاصيل من ناحية الأشخاص المحيطين به والأماكن التي حدثت بها، ولكن مضمون الأحداث ومغزاها واحدا عند الجميع وهو السعي وراء الحقيقة المطلقة التي لا يحوزها إلا الله تعالى في علاه.
لعظم مكانة إبراهيم عند ربه –عز وجل-، لم يشأ الله أن يقطع ذريته بعد جيل أو جيلين، بل جعل ذريته أطهر ذرية ليوم الدين، فجميع الأنبياء الذين أتوا من بعده هم نسله، وبالتالي فهو أبو جميع الرسالات السماوية فقد جاء من نسله أعظم ثلاث رسل موسى وجاء باليهودية، وعيسى نبي المسيحية ومحمد نبي المسلمين، وبهذا يكون إبراهيم عليه السلام قد جمع شرفاً عظيماً وذلك من عظم محبة الله له وتشريفه، فهو خليل الرحمن.
مرت على إبراهيم عليه السلام أحداث عظيمة وقصص مختلفة أظهر فيها جميعها ما تمتع به من صفات فلقد مر في جدال عقلي مذهل مع عباد الأصنام والشمس والقمر ومع حوار لا يخلو من الفطنة الإبراهيمية الفريدة مع النمرود، كما تعرض لامتحانات ربانية منها إلقاؤه في النار عليه السلام و محنة ذبحه لابنه، ولقد أظهر عليه السلام رضا غير اعتيادي في مسألة الصبر على قضاء الله بعد رزقه بالأولاد لفترة طويلة إلى أن رزقه الله بإسماعيل وإسحاق الانبياء العظام –عليهم السلام- ، هذا عدا عن رحمته وعطفه وحنانه حتى على أعداء الإنسانية كقوم نبي الله لوط –عليه السلام – الذين خالفوا الفطرة الإنسانية الطاهرة بأعمالهم المشينة، وذلك عندما أرسل الله عليهم عقاباً منساباً لما اقترفوه من جرائم، وأخيراً وهو الأهم امتثاله المطلق - عليه السلام – لأوامر الله تعالى وعدم مخالفته إياه في أي شئ. وبهذا يكون هذا الإبراهيم العظيم، أعظم البشر وأعظم الأنبياء على الإطلاق لما تعرض له خلال حياته من امتحانات وابتلاءات عجيبة لو حصل جزء يسير منها لأحد آخر لما استطاع التحمل ليوم واحد.
وبسبب عظم مهمة إبراهيم العظيم –عليه الصلاة والسلام – فقد أرسل الله إليه مجموعة من الرسائل سميت بالصحف الإبراهيمية وقد ورد ذكرها في آي التنزيل الحكيم.
المقالات المتعلقة بما هي صحف ابراهيم عليه السلام