تعريف ببيعة الرضوان تُعتبر بيعة الرّضوان واحدةً من أبرَز الأحداث في التاريخ الإسلامي، وتحديداً في العهد النبوي الشريف؛ فقد حَدَثت هذا البيعة المهمّة في العام السادس من الهجرة النبويّة في منطقة تُدعى الحديبية، وقد ضرب فيها صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أروع الأمثلة في التضحية والفداء عندما بايعوا الرسول الأعظم على قتال المُعتدين من قريش، وعدم الاستسلام، أو الفرار من أمامهم.
مختصر القصة أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان قد قصد مكّة المكرمة هو وجماعة المسلمين لأداء العمرة، غير أنّ القرشيين منعوه من ذلك، وقد أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم - الصحابيّ عثمان بن عفان -رضي الله عنه- إلى مكة للتفاوض مع أهلها نيابةً عن المسلمين، غير أنّ الإشاعات تناهت إليه وإلى المسلمين حاملةً معها أخباراً غير حقيقية عن مقتل عثمان، وهنا جمع الرسول -صلى الله عليه وسلم- من معه من المسلمين تحت الشجرة، فبايعوه بيعة الرضوان الشهيرة، والتي عُرفت تاريخيّاً أيضاً باسم بيعة الشجرة. جنى الصحابة الكرام ثمرات عديدة لصدق إيمانهم، وإخلاصهم في بيعتهم، وفيما يلي نُسلّط الضوء على بعض أبرز ثمار هذه البيعة المُباركة عليهم، وعلى كافة المسلمين من بعدهم.
ثمار بيعة الرضوان - أثبت الصّحابة الأجلاء بشكل قاطع، وفيما لا يدع مجالاً للشكل محبّتهم لله، ولرسوله، فنالوا منزلةً رفيعةً عند الله تعالى، وقد أنزل الله تعالى في هذا الموقف العَظيم قرآناً يُتلى إلى يوم القيامة، يتضمّن إعلام العالمين بأنّه -سبحانه وتعالى- رضي عن كلّ من بايعوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- تحت الشجرة. قال تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) [الفتح: 18].
- صارت مكّة أكثر تخوُّفاً، وحرصاً من المسلمين، خاصَّة بعد الشدة التي رأوها منهم؛ علماً أنّ المسلمين لم يكونوا يحملون معهم سوى سلاح المسافر، إلا أنّهم وعلى الرّغم من ذلك أصرّوا على قتال قريش؛ طلباً لرضا الله تعالى، والشهادة في سبيله، وردَّاً على اعتداء القرشيين السافر على أخيهم ومبعوثهم عثمان بن عفان -رضي الله عنه-.
- منع الله تعالى عنهم الأذى، وحماهم؛ فعادوا إلى ديارهم سالمين دون أن يموت منهم أحد، خاصّةً أنّ عثمان بن عفان كان قد عاد إليهم بأحسن حال. من جهة أخرى، فقد أثابهم الله تعالى بنتائج مُبهرة منها صلح الحديبية الذي يُعتبر تمهيداً لفتح مكّة فيما بعد؛ حيث تُعتبر نعمة هذا الفتح من أعظم النّعم التي منَّ الله تعالى بها على نبيّه -صلى الله عليه وسلم- وعلى من تبعه من المسلمين إلى يوم القيامة.